والنقول التى اطلعت عليها فيها ، لم يصل إليه ولا وقف عليه أحد من أشياخى فضلا : عمن دونهم ، وأما الفقه فلا أقول ذلك ، بل شيخى فيه أوسع نظرا ، وأطول باعا.
ودون هذه السبعة فى المعرفة : أصول الفقه ، والجدل ، والتصريف ، ودونها الإنشاء والترسل ، والفرائض ، ودونها القراءات ـ ولم آخذها عن شيخ ودونها الطبّ.
وأما علم الحساب ، فهو أعسر شىء علىّ ، وأبعده عن ذهنى ، واذا نظرت فى مسألة تتعلق به فكأنما أحاول جبلا أحمله ، وقد كملت عندى آلات الاجتهاد بحمد الله ؛ أقول ذلك تحدّثا بنعمة الله تعالى ، لا فخرا أو أى شىء فى الدنيا حتى يطلب تحصيلها بالفخر ، وقد أزف الرحيل ، وبدا الشيب ، وذهب أطيب العمر. ولو شئت أن أكتب فى كل مسألة مصنّفا لها بأقوالها وأدلتها النقلية والقياسية ، ومداركها ونقوضها وأجوبتها ، والموازنة بين اختلاف المذاهب فيها ، لقدرت على ذلك من فضل الله ، لا بحولى ولا بقوتى ، فلا حول ولا قوة إلا بالله ، ما شاء الله لا قوة إلا بالله.
وقد كنت فى مبادئ الطّلب قرأت شيئا فى علم المنطق ، ثم ألقى الله كراهيته فى قلبى ، وسمعت أنّ ابن الصلاح أفتى بتحريمه ، فتركته لذلك ، فعوضنى الله تعالى عنه علم الحديث الذى هو أشرف العلوم.
أمّا مشايخى فى الرواية سماعا وإجازة فكثيرون ؛ أوردتهم فى المعجم الذى جمعتهم فيه ، وعدّتهم نحو مائة وخمسين ، ولم أكثر من سماع الرواية لاشتغالى بما هو أهم وهو قراءة الدراية».