وعلوم التفسير ، والحديث ، والأصول ، والنحو ، والإعراب ، وسائر الفنون يقع فى قريب من ٧٥٠ صفحة ، ويحوى ٧٨ كتابا مذكورا معظمها فى جملة ما ذكره السيوطى من حسن المحاضرة ، فإذا كان العدد الذى ذكره السيوطى وغيره يحوى أمثال هذه الكتب الصغيرة فليس بعيدا صحة ما نسب إليه من الكتب.
ومهما يكن من شىء ، فإن للسيوطى مؤلفات لم يتطرق الشك فى صحة نسبتها إليه ؛ وهى فى ذاتها تعدّ مفخرة من مفاخر التأليف والتصنيف ؛ منها الإتقان فى علوم القرآن ، والمزهر فى علوم اللغة ، ومعترك الأقران ، وهمع الهوامع ، والأشباه والنظائر ، وبغية الوعاة فى تراجم النحاة ، وأسباب النزول ، وغير ذلك مما يجعل السيوطى فى مقدمة العلماء والمصنفين.
***
وقد ظل السيوطى طول عمره مشتغلا بالتدريس والفتيا ، متفرّغا للعلم والتأليف. وظيفته شىء من ذلك حتى فى رحلاته وأسفاره ، وفى حلّه وترحاله ؛ ولكنه حينما تقدمت به السن ، وأحس بالهرم والضعف هجر الإفتاء والتدريس ، واعتزل الناس فى منزله بالروضة متجردا للعبادة والتصنيف ، وألف فى ذلك كتابه : «النفيس فى الاعتذار عن الفتيا والتدريس.
وقد كان رحمهالله عفيفا كريما ، صالحا تقيا رشيدا ، لا يمد يده لسلطان ، ولا يقف من حاجة على باب أمير أو وزير ، قانعا يرزقه من خانقاه شيخو ، لا يمد عينه إلى ما سواه.
رووا أن السلطان الغورى أرسل إليه مرة؟ خصيّا؟ وألف دينار ، فردّ الدنانير وأخذ الخصيّ ، وأعتقه ، وجعله خادما فى الحجرة النبوية ، وقال لرسول السلطان : لا تعد إلينا قط بهدية ، فإن الله أغنانا عن مثل ذلك.