فيظهر بكل ضربة مثل ثدى المرأة فيعرفه فتنفجر الأنهار منه ، ثم يسيل الماء.
فإن قلت : هل الانفجار والانبجاس (١) بمعنى واحد ؛ لأنه اختلف التعبير بهما (٢)؟
والجواب أنّ الانبجاس أقلّ من الانفجار ؛ لأن الانفجار انصباب الماء بكثرة ؛ والانبجاس ظهور الماء ؛ فالواقع هنا طلب موسى عليهالسلام من ربه ؛ قال تعالى (٣) : (وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ). فطلبهم ابتداء فقيل ـ إجابة لطلبه : فانفجرت ، مناسبة لذلك. وفى الأعراف طلب بنو إسرائيل من موسى عليهالسلام السقى ؛ قال تعالى (٤) : (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ) ؛ فقيل ـ جوابا لطلبهم : فانبجست ؛ فناسب الابتداء الابتداء والغاية الغاية.
واعلم أنّ الله تعالى وضع الدولة على ثلاثة أحجار ، [والقدرة فى ثلاثة أحجار](٥) ، والملك فى ثلاثة أحجار ؛ أما الدولة فوضعها فى الكعبة ، وجعلها موضع طواف المؤمنين. وجعل مقام إبراهيم قبلة للمؤمنين. والحجر الأسود جعله بينه وبين خلقه عهدا وشهيدا.
وأما القدرة فوضعها الله فى حجر موسى ، وحجر ناقة صالح ، وحجر موسى الذى برّأه الله بسببه مما قالوا.
وأما الملك ففي خاتم سليمان ، وصخرة بيت المقدس ، وحجر داود.
وبالقدرة يخرج من الحجر الماء والذهب والنار.
__________________
(١) فى سورة الأعراف (١٦٠) : أن اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشر عينا.
(٢) تفسير ابن كثير : ١ ـ ١٠١ ، والكشاف : ١ ـ ٥٧
(٣) البقرة : ٦٠
(٤) الأعراف : ١٦٠
(٥) زيادة يقتضيها الشرح الآتى.