أنه لا يحلف أحد بالله كاذبا ، فجعل الله له الأكل من الشجرة سببا فى إخراجه من الجنة ؛ لحكم ؛ منها :
أنه كان فى حكمة الحكيم أن يكون خليفة فى الأرض ، ويقوم فيها ؛ فأراد آدم أن يقيم فى الجنة ، فجعل الله بأكل الحنطة وتناولها سببا لخروجه من الجنة ؛ لينفذ ما قضى وقدّر.
وكذلك النبى صلىاللهعليهوسلم أراد أن يكون مقامه بمكة ، وكان فى حكمة الحكيم أن يمكث فى المدينة مدة ، ويعلى كلمته فيها ، فجعل جفاء المشركين سببا لخروجه منها ؛ لسبق مقاديره إلى مواقيتها.
كذلك العبد المخلص يريد أن يكون فى طاعة ربه ، ولا يقع فى مخالفته ؛ وكان فى حكمة الحكيم أن يكون غفورا وغافرا وغفّارا ؛ فجعل خذلان العاصى سببا لخروجه عن أمره ، ثم يمنّ عليه بالتوبة ، فيتداركه برحمته ، فيظهر حكمته وتقديره ، ويبدى للعالمين غفرانه.
ومنها (١) لكون الكفّار فى صلبه إذ لم تكن الجنة محلا للكافرين ؛ وكذلك المؤمن يخرجه من النار لكون المعرفة فى قلبه ؛ إذ ليست النار محلّا للعارفين.
ومثال المؤمن والكافر فى صلب آدم كتاجر أخفى المسك فى وسط البحدق (٢) حتى لا يحسّ به قاطع الطريق ، فإذا بلغ المأمن كان المسك قد أخذ بطرف من رائحة البحدق. وكذلك البحدق تعلق به شىء من رائحة المسك ،
__________________
(١) من حكم إخراج آدم من الجنة.
(٢) فى ا : الانجداق. والبحدق ـ كعصفر : بذر قطونا. (القاموس).