الأحاديث الواردة في فضائل أمير المؤمنين عليهالسلام أو صحّحها فإنّ أقلّ ما يمكن أن يذكروا في جرحه هو أن يقولوا : «فيه تشيّع» ، وذلك معناه أنّ الشخص لديه ميول لأهل البيت عليهمالسلام ، فإنّ أقلّ مراتب الجرح كهذه تسقطه حتّى من أعلى درجات الاعتبار ، علماً بأنّ هذا النوع من الجرح يأتي في حقّ من اتّضح أنّه من أبناء العامّة ، وأما إذا كان الراوي شيعيّاً ونقل مثل هذه الفضائل فانّهم يجرحونه باصطلاحات مثل : «رافضي خبيث» وأمثالها مهما كان مشهوراً بالصدق والأمانة.
وسنوضّح هذا الأمر في عرض شواهد ونماذج أخرى من نفس كتبهم.
لقد ذكر علماء الرجال من أبناء العامّة في ترجمة تليد بن سليمان : «كلّ من شتم عثمان أو طلحة أو واحداً من أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله) دجّال لايكتب عنه وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» (١).
لكنّ تليداً وأمثاله إذا نقلوا حديثاً فيه الثناء والإطراء على أسلافهم فإنّ نقل الحديث عنهم ليس ممنوعاً ولا حراماً بل يعدّ أمراً حسناً وممدوحاً. كما أنّ الترمذي ـ وهو مؤلّف أحد الكتب الستّة المعتبرة عند أبناء العامة ـ ينقل في شأن الشيخين عن تليد حديثاً ، ومع وجود تليد في سند الحديث
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) تهذيب الكمال: ٤/٣٢٢، تهذيب التهذيب: ١/٥٠٩، الكامل لابن عدي: ٢/٥١٦.
كذلك راجع كتاب الأسامي والكنى: ٣ / ١٠٩. وقد أضاف محقّق كتاب الأسامي والكنى ـ واسمه يوسف بن محمّد الدخيل ـ في ذيل ترجمة يونس بن خباب أنّه كذّب لشتمه عثمان. الأمر المهمّ هو أنّ الشتم عند بعض العلماء يُعدّ علّة العلل في ترك حديث وتكذيب أمثال هذه الشخصيّات، وإنّنا لو دقّقنا النظر في هذا الأمر لتبيّن لناأنّ عدداً كبيراً من الرواة الذين رموا بالكذب كان السبب الوحيد في رميهم بذلك هو شتمهم لمثل عثمان لا لكونهم كذّابين.