فإنّه يقول : «إنّه حديث حسن غريب» (١) ومثل هذا الأمر مصداق واضح لمن يكيل بمكيالين.
وكذلك مسلم (٢) فإنّه يذكر في صحيحه : «وقال محمّد : سمعت علي ابن شقيق يقول : سمعت عبدالله بن المبارك يقول على رؤوس الناس : دعوا حديث عمر بن ثابت فإنّه كان يسبّ السلف»(٣) ، وهو يصرّح في مقدّمة كتابه بأنّ المعيار في توثيق الراوي وقبول حديثه هو كونه مطابقاً مع رواية أهل الحفظ والرضا وعلامة المنكر عدم موافقته مع روايات هؤلاء(٤)!!
وهذا الأمر ـ أي عدم جواز نقل الرواية ممّن يسبُّ الصحابة ـ يُعدّ قانوناً كلّياً عند أبناء العامّة.
ولكن ويا للعجب يرى أنّ هذا القانون لا مجرى له لمن سبّ مولى الموحّدين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ، بل أصبحت هذه الشخصيّات محلّ توثيقهم واطمينانهم!
وعلى سبيل المثال انظر ترجمة حريز بن عثمان ، فإنّ العسقلاني الحافظ المشهور عند أبناء العامّة يذكر في تهذيب التهذيب نقلا عن علي ابن المديني ـ حيث يعدّ هذا الآخر أيضاً من أهمّ علماء رجال العامّة ـ ما نصّه : «لم يزل من أدركناه من أصحابنا يوثّقونه»(٥).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) سنن الترمذي: ٥ / ٦١٦ رقم ٣٦٨٠.
(٢) هو مسلم بن الحجّاج القشيري النيشابوري صاحب كتاب الصحيح أو الجامع الصحيح وهو من الصحاح الستّة لأهل السنّة.
(٣) صحيح مسلم ١٢.
(٤) نقل بالمعنى صحيح مسلم ٥.
(٥) تهذيب الكمال: ٥ / ٥٧٣، تهذيب التهذيب: ٢ / ٢٣٧ ـ ٢٤٠ ترجمة حديث الثقلين٥١٣ ـ ٥١٥، كتاب سؤالات أبو عبيدة الآجري: ٢ / ٢٣٤ رقم ١٧٠٠.