جميع أحوال المختار ، ولأنّ الاختيار هو أخذ الخير ، وكيف يأخذ الخير من الأشياء من لا يعلم الخير فيها(١).
وقال الزمخشري في الكشّاف : الخيرة من التخيرّ ، كالطيرة من التطيّر ، والمعنى أنّ الخيرة لله تعالى في أفعاله ، وهو أعلم بوجوه الحكمة فيها ، ليس لأحدمن خلقه أن يختار عليه ، وقيل : معناه ويختار الذي لهم فيه الخيرة ، أي : يختار للعباد ما هو خير لهم وأصلح ، وهو أعلم بمصالحهم من أنفسهم(٢).
وقال القرطبي : قال بعض العلماء : لا ينبغي لأحد أن يُقدم على أمر من أمورالدنيا حتّى يسأل الله الخيرة في ذلك ، وينبغي أن يفرّغ قلبه من جميع الخواطر حتّى لا يكون مائلا إلى أمر من الأمور ، فعند ذلك ما يسبق إلى قلبه يعمل به ، فإنّ الخير فيه إن شاء الله(٣).
فالذي نستفيده من هذه الأقوال أنّ خير العباد لا يعلمه إلاّ خالقهم وبارئهم ، فالفرد الذي يقدم على أمر دون استشارة أو استخارة وندم على نتيجة عمله وإقدامه فلا يلومنّ إلاّ نفسه ؛ لأنّه لم يطلب العون من خالقه ، واعتمدعلى عقله وعقل الإنسان ناقص ، ولذا قيل : من شاور الرجال شاركهم عقولهم ، ووظيفة المستخير إذا استخار قبل الإقدام التسليم لما خار الله تعالى له ، ويرضى بقضائه ، لأنّه تعالى العالم بمصالح عباده ، وما يريده لعباده إلاّ الخير والصلاح.
ولم ينفرد علماؤنا في هذا الموضوع فحسب ، بل شاركهم بقية العلماء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) مجمع البيان ٧ / ٤٨٠ ، تفسير سورة القصص آية ٦٨.
(٢) الكشّاف ٤ / ٥٢٠ ، تفسير سورة القصص آية ٦٨.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ١٣ : ٣٠٦ ـ ٣٠٧.