لائحة ، فهي الطريق إلى الصواب ، والرافعة لغواشي الحجاب ، والموصلة السبب بالأسباب ، وفّقنا الله وإيّاكم للهداية ، وعصمنا وإيّاكم من الشدّة والغواية.
الإشارة الثالثة : الرضا بما يأتي به الأمر الربّاني ، ويُخرجه الحكم الرحماني ، ويختاره الحقّ السبحاني ، من حلو الخيرة ومرّها ، ومحبوبها ومكروهها ، ليُعدّ من أهل السعادات ، وتقرّر بالمطالب الهنيّات ، والمواهب السنيّات ، وتدركه العناية الأبدية ، والرحمة السرمدية.
وإيّاك أن يخطر ببالك(١) خطرات الشيطان فتكون من الهالكين ، ولو ظهرت لك بحسب عقلك الكاسد وظنّك الفاسد أسباب المصالح ، فإنّها ولعمري مع المخالفة من أتمّ القبائح ، وسأضرب لك مثلا لعلّك به تتّعظ ، لو أنّ ملكاً دعاك لموازية ومؤانسة ، ورغبت نفسك في إجابته وتحقيق طلبته ، وظهرلك بالوهم النفساني الفوز بالأماني ، ووافقتك في ظنونك العامّة ، وكان للملك وزير من خاصّته ، ونديم من أهل مودّته.
وأنت ترى أنّه لك ناصح شفيق ، وبك برّ رفيق ، فأخبرك في باطن الأمور بالستر المصون ، أنّ الملك يريد بك سوءاً ، وإنّما طلبه لك مكر وحيلة ، ألست كنت تسمع كلامه وتعتقد صحّة نظامه؟ وتركت ما كنت تحبّه وتهواه ، وسوّلت لك نفسك طلبه وهواه؟ وتطلب الحيلة في إبعاد نفسك ، وتغيّب شخصك من محبوبك الذي كنت متعلّقاً بمحبّته ، خوفاً من الوقوع في البلاء.
بعد فصح الناصح والخبر الواضح ، فإذا كنت تركن إلى نصح المخلوق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) في الأصل : بمالك ، وما أثبتناه هو الأنسب للسياق.