مثلك ، فكيف تستغشّ الخالق ، وتكره اختياره ونصحه.
فإذا ظهرت الاستخارة بما تكره نفسك ، ويحبّه هواك وطبعك ، أظهرت الغضب والأسف والندم والكآبة ، فهل تجد أحداً أعلم بأحوالك وصلاحك من ربّك؟ بل هل تحبّ أحداً أرفق بك وأشفق بك من ربّك؟ بل هو أبرّ بنا من الآباء والأمّهات ، وذلك أمر بديهي عند أهل السعادات ، فإن لم تكن من أهل هذه السعادة ، ولم تعلق يدك بأذيال تلك الوفادة ، وغلب عليك الطبع الشيطاني والهوى النفساني ، فالزم الصبر وتكلّفه ، ولم يرض قلبك الوبي(١) وطبعك الدني ، فإن لم تفعل ولزمت طريق الخلاف فأنت من [أهل](٢) الخلاف ، فاستعد للندامة جلباباً وللكآبة أثواباً ، عصمنا الله وإيّاكم من الهوى ، ووفّقنا وإيّاكم لما يحبّ ويرضاه.
فقد روى الشيخ في التهذيب : بإسناده إلى محمّد بن علي بن محبوب ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن عبدالله بن زرارة ، عن عيسى بن عبدالله ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّ عليهالسلام ، قال : «قال الله عزّ وجلّ : إنّ عبدي يستخيرني فأخيرُله فيغضب»(٣).
وروى البرقي في محاسنه : عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : «قال الله عزّ وجلّ : من شقاء عبدي أن يعمل الأعمال فلا يستخيرني»(٤).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) الوبي : المريض. انظر القاموس المحيط ١ / ٤٠ ـ وبأ.
(٢) أثبتناه ليستقيم السياق.
(٣) تهذيب الأحكام ٣ / ٣٠٩ ح٩٥٨ ، وعنه في وسائل الشيعة ٨ / ٨٠ ح٦.
(٤) المحاسن ٢ / ٤٣١ ح٣ ، وأورده المفيد في المقنعة : ٢١٧ ، ابن طاووس في فتح الأبواب : ١٣١ ، بسنده عن مشايخه ، ونقله الحرّ العاملي في الوسائل ٨ / ٧٩ ح٣ ، عن المحاسن ، والفصول المهمّة ٢ / ١١٢ ح٢ ، والجواهر السنية في الأحاديث