فمن هنا استنكر أحمد بن صديق المغربي من علماء القرن الرابع عشرالهجري هذا الجفاء وقال : «وقد انطوت بواطن كثير من الحفّاظ خصوصاًالبصريين والشاميين على البغض لعلي وذويه»(١).
وفي شأن سيّدتنا فاطمة الزهراء عليهماالسلام فقد وردت من الفريقين أحاديث عديدة عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال : «فاطمة بضعةٌ منّي من آذاها فقد آذاني»وقال أيضاً : «إنّ الله تعالى يغضب لغضب فاطمة»(٢).
أمّا ابن كثير فقد أعرض عن كلّ هذه الروايات وكأنّه لم ير شيئاً منها وقال تطاولا منه على الله ورسوله : «وهي امرأة من بنات آدم تأسف كما يأسفونوليست بواجبة العصمة ...».
وبالنسبة لعدم التزام ابن كثير بمقدّسات الدين لابدّ أن نتساءل : كيف يمكن للمسلم أن لا يبالي ويتفوّه بمثل هذه الكلمات وذلك في قبال تلك الروايات المتواترة الواردة عن سيّد الكائنات (صلى الله عليه وآله) حيث صرّحت أنّ إيذاء سيّدة النساء فاطمة الزهراء عليهماالسلام يُعَدّ إيذاءً لشخص الرسول(صلى الله عليه وآله)؟!
القاضي روزبهان
وتقييمه وانتقاؤه للأحاديث
إنّ ملاك القاضي روزبهان في تقييم الرجال ومرويّاتهم على النحو التالي : إذا كان المطلب المنقول موافقاً لرأيه وعقيدته فإنّ ذلك الشخص يعدّ من أرباب صحّة الخبر لديه ، أمّا إذا كان نفس ذلك الشخص دوّن ما
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) فتح الملك العلي : ١٥٥.
(٢) الغدير : ٧ / ٢٣١ ـ ٢٣٦. وقد صحّح الذهبي سند حديث «يبسطني ما يبسطها ويقبضني ما يقبضها» ذيل مستدرك الحاكم : ٣ / ١٥٤.