قدّم ما تأخّر إنزاله ، وأخّر بعض ما تقدّم نزوله على ما قد وقف عليه الرّسول من ذلك»(١).
وقد يكون في كلام ابن حجر الآتي إشارة إلى عدم توقيفية الآيات ، وأنّ ترتيب الآيات والسور كانت باجتهاد من الصحابة ، إذ قال : «وإنّ قول عمر : (لو كانت ثلاث آيات) ، فظاهره أنّهم كانوا يؤلّفون آيات السور باجتهادهم ، وسائر الأخبار تدلّ على أنّهم لم يفعلوا شيئاً من ذلك إلاّ بتوقيف.
نعم ، ترتيب السور بعض إثر بعض كان يقع بعضه منهم اجتهاداً كما سيأتي في تأليف القرآن»(٢).
وعليه ، فالذي يذهب إلى توقيفية ترتيب السور والآيات(٣) يستدلّ بأمثال الرواية الآتية :
«روي عن ابن عبّاس ، قال : قلت لعثمان : ما حملكم على أَنْ عَمِدْتُمْ إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المِئِين ، فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر (بسم الله الرحمن الرحيم) ووضعتموها في السبع الطوال ، ما حملكم على ذلك؟
__________________
(١) المرشد الوجيز إلى علوم القرآن لأبي شامة : ٥٧.
(٢) فتح الباري ٩/١٢ (جمع القرآن).
(٣) قال ابن حجر في فتح الباري بعد أن أتى بالخبر الآتي : فهذا يدلّ على أنّ ترتيب الآيات في كلّ سورة كان توقيفيّاً ، ولمّا لم يفصح النبيّ بأمر براءة أضافها عثمان إلى الأنفال اجتهاداً منه.