فيها فائدة عظيمة أخرى ، وهي تعيين أماكن الآيات من كلّ سورة في قرآن التلاوة بعد نزولها منجّماً في وقائع مختلفة بأمر الله.
وبمعنى آخر : إرجاع القرآن إلى ترتيب النزول الدفعي والنازل من اللوح المحفوظ إلى البيت المعمور أو على صدر محمّد (صلى الله عليه وآله).
وأنّ في كلامه (صلى الله عليه وآله) : (ضعوا الآية الفلانية في المكان الفلاني من السورة الفلانية) ، أو قوله (صلى الله عليه وآله) : (أتاني جبريل فأمرني أن أضع هذه الآية ... في سورة النحل).
أو في قول جبريل عليهالسلام : (ضعوا كذا في موضع كذا) ، أو : (يا محمّد ضعهافي رأس ثمانين ومائتين من البقرة) إشارة إلى هذا الأمر أي ضبط أماكن الآيات في السورة الواحدة ، وهو معنى قوله تعالى : (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَدُنْ حَكِيم خَبِير) وهذا ممّا يمكن قوله في سرّ إشراف رسول الله (صلى الله عليه وآله) على ترتيب الكتاب العزيز(١) ، وكذا في سبب عرض جبريل عليهالسلام القرآن على رسول الله (صلى الله عليه وآله) كلّ عام ؛ لأنّ الله سبحانه كان قد قال لرسوله (صلى الله عليه وآله) : (سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى) ورسول الله (صلى الله عليه وآله) هو المبلّغ الصادق الأمين ، فما يعني عرض رسول الله (صلى الله عليه وآله) القرآن على جبريل ، أو عرض جبريل القرآن على رسول الله (صلى الله عليه وآله) كلّ عام؛ إلاّ أن يكون هو الحفاظ على
__________________
(١) فقوله (صلى الله عليه وآله) الآيتان من آخر سورة البقرة. أو : الآيات الأخيرة من سورة الكهف. أو : كذاوكذا ، يؤكّد على إشراف رسول الله (صلى الله عليه وآله) على ترتيب المصحف ، لأنّ تأكيده على قراءة الآيات العشر من آخر سورة كذا فيها دلالة على ختم تلك السورة وبدء سورة اُخرى بعدها.