فإن كان المدّعى بعد تسليمه من الأوّل فذلك كذب صريح ؛ لأنّه لا يوجد قطعاً. وإن كان من الثاني فحجّيته ممنوعة ؛ كما بيّنوه في الأصول. وإن كان من الثالث فهو إنّما يكون حجّة لأجل كشفه عن قول المعصوم أو فعله أو تقريره ؛ وذلك غير متصوّر في المسألة ؛ لأنّ موضوع المسألة مستحدث بالاتّفاق(١) ، ولم يكن معهوداً في عصر المعصوم حتّى يتعلّق به
__________________
دخول الإمام عليهالسلام في ضمنهم ولكن لا نعرفه بعينه ولا بشخصه. على أنّ هذا الإجماع لوحصل لكان حجّة ؛ لأنّه يتضمّن رأي المعصوم عليهالسلام مع إمكان تحقّقه في زمن الحضور ، ولكن الكلام في إمكان تحقّقه في زمن الغيبة. ولا يضرّ مخالفة بعض العلماء
مادام أنّه معروف النسب ومشخّص أنّه فلان بن فلان ، فنقطع أنّه غير الإمام عليهالسلام ، وعليه فإنّ رأي الإمام عليهالسلام ما زال في ضِمن رأي المجمعين وهو المراد.
وأمّا اللطفي : وهو اجتماع فقهاء عصر ما على حكم شرعيّ ، وكان هذا الحكم مخالفاًلحكم الله عزّ وجلّ واقعاً ، فيجب على الإمام عليهالسلام عقلاً أن يظهر الخلاف فيما بينهم في الحكم ، ونقض اتّفاقهم الحاصل ، وإلاّ فيستوجب إجماعهم على الباطل ، وعليه فإذا أجمعوا على رأي ما يكشف اتّفاقهم مع رأي المعصوم عليهالسلام وموافقته لهم.
وأمّا الحدسي : وهو أنّه من البعيد القول باتّفاق آراء الفقهاء في جميع العصور على رأي واحد ، ويكون إمامهم عليهالسلام ورئيسهم مخالفاً لهم ، وهذا يرتكز على الملازمة العادية بين رأي رئيس القوم وبين أتباعه بتبنّيهم ذلك الرأي. وهذا الاتّفاق يستند إلى الحدس برأي المعصوم عليهالسلام وهو العلم الحاصل من غير طريق الحواسّ الظاهرة ، الناتج عن البحث والنظر في آراء العلماء. وعليه فالفقهاء الذين يتقيّدون بالشرع ويتحرّجون من مخالفته قيد أنملة إذا أجمعوا على رأي ما فهو حكم الله تعالى ، وإنّ الإمام عليهالسلام موافق لهم ، وإلاّ لم يَنسِبُوهُ إلى الشرع الشريف.
(١) يرجع أَمْرُ معرفة التبغ (التتن والتنباك) واكتشافه إلى ما يقرب من نحو ٥٠٠ عام ، وذلك عند اكتشاف (كريستوف كولومبس) وزملائه الأسبان القارّة الأمريكية ، فعندما