(الرتِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ) (١) ، لكن مجيئها في السور المدنية لها دلالتها الخاصّة.
ومعنى هذه الآيات أنّ هذا الكتاب كان قد دوّن وجمع ، فهو موجود قدتحقّق مصداقه من خلال جمع بعض أجزائه أيّام رسول الله (صلى الله عليه وآله) في العُسُبْ واللِّخاف والورق وأمثالها وإن لم يكن جمعاً كاملاً ، أي أنّه أطلق عليه لفظ الكتاب من باب إطلاق الجزء على الكلّ أو من باب المشارفة ، وأنّه سيكون كتاباً مجموعاً بين الدفّتين بعد وفاة النبيّ لوجود مفرداته ناهيك عن كونه كتاباً محفوظاً في اللوح المحفوظ ، ولا يخفى عليك أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أشار إلى ذلك الكتاب في حديث الثقلين الآتي أيضاً.
٨ ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حديث الثقلين : «إنّي مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي»(٢) ، فإنّ قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقول عمر بن الخطّاب من بعده : «حسبنا كتاب الله»(٣) يشعران بوجود آيات وسور مدوّنة تستوجب إطلاق اسم الكتاب عليها.
لأنّ قوله (صلى الله عليه وآله) في صدر خبر رزيّة يوم الخميس : «ائتوني بكتف ودواة كي أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعدي أبداً» ، وتعقيب عمر عليه بـ : «حسبنا
__________________
(١) سورة يونس : ١.
(٢) المستدرك على الصحيحين ٣/١١٨ / ح ٤٥٧٦ ، قال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرّجاه.
(٣) صحيح البخاري ٤/١٦١٢ / ح ٤١٦٩ ، ٥/٢١٤٦ / ح ٢٣٤٥ ، صحيح مسلم ٣/١٢٥٩ /ح ١٦٣٧.