عندهم.
ومن هذا المنطلق انبلج خطأ ما ذهب إليه بعض أهل السنّة من أنّ المقصود من قولهم : «جمع القرآن على عهد رسول الله : أُبيّ بن كعب وعبدالله بن مسعود ومعاذ بن جبل وسالم مولى حذيفة»(١) ، هو جمعهم في القلوب والصدور لا الجمع في الصحائف والسطور ، فإنّهم لو أرادوا أن يقولوا بهذا الكلام فلا مزيدشرف وفضيلة لهؤلاء على غيرهم من الصحابة ؛ لأنّ كثيراً من الصحابة قد حفظوا ما نزل من القرآن إلى ذلك الحين ولم يختصّ الأمر بأربعة أو ستّة أوعشرة أو أكثر من ذلك أو أقلّ.
قال أبو زهرة في المعجزة الكبرى : «وإنّ النبيّ لم ينتقل إلى الرفيق الأعلى إلاّ وقد جمع القرآن في صدر طائفة من الصحابة ، قيل : إنّ عددهم مائة أويزيدون ، ونحن نرى أنّهم كانوا أكثر من ذلك عدداً ؛ فإنّه قتل من القرّاء في إحدى مواقع الردّة عددٌ يزيد على السبعين وقيل على السبعمائة»(٢).
وقال الزرقاني : «فإنّ الذين حفظوا القرآن من الصحابة كانوا كثيرين حتّى كان عدد القتلى منهم ببئر معونة ويوم اليمامة أربعين ومائة»(٣).
__________________
(١) انظر : صحيح البخاري ٣ / ١٣٨٦ / ٣٥٩٩ ، الباب ٤٧ مناقب زيد بن ثابت ، و٤ / ١٩١٣/ ٤٧١٧ ، الباب ٨ القرّاء من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) ، ورواه مسلم في صحيحه بطريقين عن أنس ٤ / ١٩١٤ / ٢٤٦٥ ، الباب ٣ فضائل أبيّ بن كعب وجماعة من الأنصار.
(٢) المعجزة الكبرى : ٢١.
(٣) مناهل العرفان ١/١٦٩.