التركيب فقال سبحانه (وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً).
وقد اشتهر عن قادة قريش أنّهم كانوا يأتونه في الليل متنكّرين ليسمعون آياته ، وقد رأى أحدُهم الآخر فسأله متعجّباً : أنت هنا؟! وأجابه : وكيف أنت هنا؟! ، فتعاهدا على أن لا يأتياه لكنّهما لم يطيقا فراق سماع آيات الله حتّى جاءاه فعرف أحدهما الآخر ...
نعم كانت هذه هي قوّة القرآن التي لا يمكن للمشركين أن يغضّوا عنها وقد اشتهر كلام الوليد بن المغيرة في القرآن :
«والله لقد سمعت منه كلاماً ما هو من كلام الإِنس ، وما هو من كلام الجنّ ، وإنّ له لحلاوة ، وإنّ عليه لطلاوة ، وإنّ أعلاه لمثمر ، وإنّ أسفله لمغدق ، وأنّه ليعلو ولا يعلى عليه ، وما يقول هذا بشر ...»(١).
وقال نحو ذلك عمرو بن سلمة الجرمي : «كنت أتلقّى الركبان ـ أي المشركين عند عودتهم من الحج ـ فيقروني ما سمعوه حتّى جمعت قرآناً كثيراً»(٢).
فلو كان هذا شأن المشركين من العرب فهل هناك من فضيلة للصحابي إذا حفظ القرآن عن ظهر قلبه ، ألم يكن في هذا استخفاف
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن ١٩/٧٢.
(٢) انظر : مصنّف ابن أبي شيبة ١ / ٣٠٢ / ٣٤٥٦ ، الباب ١٦ من قال يؤمّ القوم أقرؤهم لكتاب الله ، والمعجم الكبير ٧ / ٤٨ / ٦٣٤٩ ، الباب ٦٠٨ ، المعجم الأوسط ٧ / ١١١ / ٧٠٠٧.