بالصحابة وبالرسول (صلى الله عليه وآله) والرسالة والقرآن؟!.
وبالجملة : فالنبيّ (صلى الله عليه وآله) لم يترك جمع كتاب ربّه بل كان أحرص عليه من غيره ، فإنّه (صلى الله عليه وآله) مضافاً إلى جمعه في الصدور فقد جمعه في السطور أيضاً.
قال السيّد الخوئي : «وفي الحثّ على القراءة في نفس المصحف نكتة جليلة ينبغي الإلتفات إليها وهو الإلماع إلى كلاءة القرآن عن الإندراس بتكثّر نسخة ، فإنّه لو اكتفى بالقراءة عن ظهر القلب لهجرت نسخ الكتاب ، وأدّى ذلك إلى قلّتها ، ولعلّه يؤدّي أخيراً إلى إنمحاء آثارها.
على أنّ هناك آثاراً جزيلة نصّت عليها الأحاديث لا تحصل إلاّ بالقراءة في المصحف ، منها قوله : (متّع ببصره) وهذه الكلمة من جوامع الكلم ، فيراد منها أنّ القراءة في المصحف سبب لحفظ البصر من العمى والرمد ، أو يراد منها أنّ القراءة في المصحف سبب لتمتّع القارئ بمغازي القرآن الجليلة ونكاته الدقيقة ؛ لأنّ الإنسان عند النظر إلى ما يروقه من المرئيّات تبتهج نفسه ، ويجد انتعاشاً في بصره وبصيرته ، وكذلك قارئ القرآن إذا سرّح بصره في ألفاظه وأطلق فكره في معانيه وتعمّق في معارفه الراقية وتعاليمه الثمينة يجد في نفسه لذّةَ الوقوف عليها ومتعة الطموح إليها ويشاهد هشّه من روحه وتطلّعاً من قبله»(١).
قال القاضي أبو بكر الباقلاّني : «وما على جديد الأرض أجهل ممّن
__________________
(١) البيان في تفسير القرآن : ٣٥.