يظنّ بالنبيّ أنّه أهمل في القرآن أو ضيّعه ، مع أنّ له كُتّاباً أفاضل معروفين بالانتصاب لذلك من المهاجرين والأنصار ، فممّن كتب له من قريش من المهاجرين : أبوبكر وعمر وعثمان وعليّ وخالد بن سعيد ، وذكر أهل التفسير أنّه كان يملي على خالد بن سعيد ثمّ يأمره بطيّ ما كتب وختمه»(١).
وأنّ قصّة عمر بن الخطّاب مع أخته وصهره على أخته وقراءتهما في صحيفة كانت فيها سورة طه في مكّة(٢) لتؤكّد وجود صحف الذكر الحكيم في أوائل الدعوة ، فكيف لا تكون موجودة أيضاً في نهايتها في المدينة المنوّرة مع أن له كتّاباً مخصوصين لذلك يطلق عليهم كتّاب الوحي؟!
مع العلم بأنّ الدعوة الإسلامية قائمة على الذكر الحكيم والسنّة المطهّرة ، والنبيّ (صلى الله عليه وآله) كان عالماً باختلاف أمّته من بعده وموت الصحابة وقتلهم في سبيل نشر الدعوة الإسلامية في الزمن اللاّحق يفضي إلى الضياع من دون افتراض وجود صحف مدوّنة ، وكلّنا يعلم اختلاف ترتيب الصحابة مصاحف على عهد الخلفاء ، مع أنّ القرآن كلّه كان مدوّناً على العُسُبْ واللِّخاف والأديم فكيف لو لم يكن كذلك؟
فكيف يعقل إهمال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لكتابة كتاب ربّه ، وهو المرغِّب بتلاوته ، والمشجِّع على لزوم تعليمه وقراءته آناء الليل وأطراف النهار؟!
والحاصل ؛ فمن شذّ قائلاً : لا يوجد مصحف مكتوب على عهد
__________________
(١) نكت الانتصار : ١٠٠.
(٢) انظر فضائل أحمد ١/٢٨٠ ، سيرة ابن هشام ٢/١٨٨ ، الاكتفاء بما تضمّنه مغازي رسول الله ١ /٢٥١.