رسول الله ولو مفرّقاً على العُسُبْ واللِّخاف والأديم فهو مستخفّ بكلّ الحقائق أعلاه ، أجلاها وأوضحها أنّه مستخفّ بالنبيّ (صلى الله عليه وآله) وطريقة حفظه للكتاب العزيز مدوّناً عن طريق كتّاب الوحي وغير ذلك.
وما أشبه هذا بقول القائلين : إنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يستخلف أحداً من بعدهوترك الأمّة هَمَلاً بدون راع وخليفة لإبعاد الإمام عليٍّ عن الخلافة.
وهذا ما قالوه في عِدْل العترة ـ أي القرآن المجيد ـ فقالوا : إنّه (صلى الله عليه وآله) ترك القرآن دون أن يدوِّنه أحد على عهده.
كما أنّهم قالوا : «إنّه (صلى الله عليه وآله) نهى عن كتابة حديثه»(١).
وقالوا أيضاً : بأنّه (صلى الله عليه وآله) كان لا يعلم بأنّه نبيّ مرسل من قِبَلِ الله حتّى أخبره ورقة بن نوفل بن أسد ـ ابن عمّ خديجة ـ (٢) ... إلى غيرها من التَّقَوُّلات الباطلة والترّهات التافهة ، وغالبها أمور سلبية تمسّ بكرامة الله ورسوله ليس فيها جانب إيجابي.
والآن تراهم يقولون بعدم جمع القرآن على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، بل الأعظم من ذلك تراهم يستغلّون اسم الإمام عليّ عليهالسلام لأهدافهم.
فالمشكلة لم تكن في جمع القرآن ووجود من جَمَعَهُ على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو عدمه من الصحابة ، بل المشكلة تبدو في عدم قبولهم مَن جمع القرآن مع تفسيره وتأويله ، محكمه ومتشابهه ، ناسخه ومنسوخه ،
__________________
(١) لنا دراسة في هذا المجال بعنوان «منع تدوين الحديث».
(٢) صحيح البخاري ١/٢.