تضعيف أخبار جمع الإمام عليّ عليهالسلام للمصحف ، حقيقة أم وهم؟ :
أجل إنّهم لم يكتفوا بهذا ، بل راحوا يضعّفون(١) روايات جمع الإمام عليهالسلامللمصحف ، بل قالوا عن جمعه : بأنّه لم يكن جَمْعَ تدوين وكتابة ، بل هو جمع حفظ في الصدور ، أو جَمْعاً من الصدور.
فقد أخرج السجستاني في المصاحف بسنده عن أشعث ، عن محمّد ابن سيرين ، قال : «لمّا توفّي النبيّ (صلى الله عليه وآله) أقسم عليّ أن لا يرتدي برداء إلاّ لجُمْعَة حتَّى يجمع القرآن في مصحف ، ففعل ، فأرسل إليه أبوبكر بعد أيّام : أَكَرِهْتَ إمارتي يا أبا الحسن؟
قال : لا والله ، إلاّ أنّي أقسمت أن لا أرتدي برداء إلاّ لجمعة ، فبايعه ثمّ رجع.
قال أبوبكر [السجستاني] : لم يذكر المصحف أحد إلاّ أشعث ، وهو
__________________
(١) قال الآلوسي في روح المعاني ١/٢٢ «وما شاع أن عليّاً كرّم الله وجهه لمّا توفّي رسول الله تخلّف لجمعه ، فبعض طريقه ضعيف ، وبعضها موضوع ، وما صحّ فمحمول كما قيل على الجمع في الصدور ، وقيل : كان جمعاً بصورة أخرى لغرض آخر» انتهى.
فالضعيف الذي عناه الآلوسي إن كان يقصد به ما أخرجه أبو داود ـ في سننه الذي يعتبرمن الصحاح الستّ ـ من طريق ابن سيرين فله طريق آخر أخرجه ابن الضريس عن ابن سيرين عن عكرمة عن عليّ.
وأمّا الموضوع فلا أدري هل عنى به المتواتر المنقول في هذا الأمر كالذي أخرجه الصنعاني في مصنّفه ، وابن سعد في طبقاته ، وابن أبي شيبة في مصنّفه ، وابن ضريس في فضائل القرآن وغيرهم من كبار علماءالعامّة ومحدّثيهم والذين ذكرنا أسماءهم في آخر هذا القسم من البحث.