يحتاجون في البحث والتّرتيب والمراجعة والتّصحيح إلى مدّة غير قصيرة ، وظهر لك ما تحمّلوه من المشقّة العُظمى والتّعب الكبير ، خصوصاً وإنّهم في هذه المرّة جمعوه بالأحرف السّبعة كلّها ، وهذا يستلزم أن يكون حجم مُصْحَف أبي بكر أضعاف حجم مُصْحَف عُثمان ، لأنّ هذا جمعه على حرف واحد من الأحرف السّبعة.
لذلك أسند الخلفاء الأربعة جمع القرآن إلى زيد بن ثابت كاتب الوحي بين يدي رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وهو الّذي شهد العَرْضَة الأخيرة ، وكان من حفظة القرآن ، وأعلم الصّحابة ، فقام بهذه المهمّة خير قيام في مُصْحَف أبي بكر وفي مُصْحَف عُثمان .
والحقيقة لو لم يلهم الله تعالى هؤلاء الصَّحابة الكرام بجمع القرآن العظيم بكتابته في الصُّحُف ، لذهب بموت حُفّاظه وانقراض الصَّحابة ، وهذا مصداق قوله عَزَّوجَلَّ : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)»(١). انتهى كلام الكردي.
أقول في جوابه : السؤال وجيه لكن جوابك غير وجيه ؛ لأنّا قد أثبتنا لك ولغيرك بوجود روايات تصرّح بأنّ الإمام عليّ عليهالسلام اعتزل الخلفاء وجلس في بيته يجمع القرآن ، وكذا الحال بالنسبة إلى عمر وعثمان فلم يثبت كونهما منهمكين في الغزوات حسبما تدّعيه ـ وخصوصاً أيّام أبي بكر ـ. فهو قد
__________________
(١) الحجر : ٩ والنصّ موجود في كتاب نصوص في علم القرآن ٣/٣٥٩ عن تاريخ القرآن وغرائب رسمه.