حُكْماً لِقَوْم يُوقِنُونَ) وأشهد على زيد بن ثابت لقد حكم في الفرائض بحكم الجاهلية»(١).
فالصحابة لم يكونوا يرضوا أن يتصدّر أمثال زيد بن ثابت لأمر القرآن ، بل كانوا يشكّكون في حقّانية هذا الإقرار من قبل الخليفة ، ولا يقبلون ما جمعه زيد أيّام أبي بكر ، إذ تراهم لا يعتمدون على مصحف أبي بكر في عهده ولا يستنسخونه لأنفسهم ، ولأجل ذلك بقي المصحف عند أبي بكر ثمّ عند عمر ، ولم يتّخذ إماماً للمسلمين في عهدهما.
ولا أقبل ما علّله بعض الكتّاب : بأنّ أيّام أبي بكر كانت قليلة وكان مشغولاً في الحروب والغزوات ، وأنّ هذا هو السبب في عدم انتشار صحف أبي بكر ، فلو كان كذلك فلماذا لا تنتشر وتستنسخ تلك الصحف في عهد عمر بن الخطّاب وقد طالت خلافته ؟ بل نرى عمر يحتفظ بنسخة أبي بكر عنده إلى حين وفاته حتّى ترثه حفصة ؟ ولا ينقل عنها شيء للمسلمين ؟ بل لم يأمر بنسخها إلى الأمصار حتّى تكون إماماً للمسلمين.
فهل هذا المصحف كان مصحفاً شخصيّاً ، أم مصحفاً حكوميّاً ، فلو كان مصحفاً شخصيّاً ، فلماذا لا يرثه أبناء أبي بكر ، وإن كان مصحفاً حكوميّاً فلماذا لا يجعله الشيخان دستوراً للدولة أيّام خلافتهما ويرسلا منها نسخاً إلى الأمصار؟
__________________
(١) الكافي ٧ / ٤٠٧ / ح ٢ ، وذيل ح ١ ، الفقيه ٣ / ٣/ ح ٦.