هناك تفاسير أُخرى أشارت إلى مضمون رواية المأكلة يمكن العثور عليها من بين التفاسير التي أُلّفت في الفترة الزمنية المتخلّلة بين منتصف القرن الثاني الهجري ـ وهي الفترة التي توفّي فيها الكلبي (ت ١٤٦ هـ) ومقاتل (ت ١٥٠ هـ) ـ وحتّى بداية القرن الخامس الهجري وهو زمان تأليف المصابيح في تفسير القرآن بيد الوزير المغربي (ت ٤١٨ هـ) ، فمن بين هؤلاء المفسّرين : الواقدي (ت ٢٠٧ هـ) ، هود بن محكم الهواري (ت ٢٨٠ هـ) ، أبو الليث السمرقندي (ت ٣٧٣ هـ) وابن أبي زمنين (ت ٣٩٩ هـ) إلاّ أنّه لا يمكن عدّ التفاسير الثلاثة الأخيرة ـ ما عدا الواقدي ـ من المصادر التي اعتمدها الوزير المغربي في تأليف تفسير المصابيح ؛ وذلك لأنّها لا تمتاز بمضامين أدبية عالية بحيث أنّها تلفت نظر ابن المغربي إليها وليس لها في نقل الرواية عن الصحابة والتابعين ما يميّزها عن جامع البيان للطبري ويفضّلها عليه.
وكذلك أيضاً المغازي للواقدي الذي يعدّ من مصادر السيرة النبوية فالبرّغم من أنّ الوزير المغربي كان قد اعتمده وكثيراً ما نقل في تفسيره منه ـ كما في تفسير الآيات ٦٤ ، ٦٥ من سورة النساء ؛ المائدة ١٠٦ ؛ الأنفال ٦٠ ، ٦٤ ؛ التوبة ٦٦ ، ١٠٤ ؛ الإسراء ٧٣ ـ إلاّ أنّه لا يمكن اعتباره من المصادر التي اعتمدها الوزير المغربي فيما يخصّ ما نحن فيه ؛ وذلك لأنّ نقل الواقدي يختلف اختلافاً كبيراً عمّا هو عليه في تفسيري الكلبي ومقاتل بل هو ملخّص لما موجود في تفسيريهما ، حيث يقول في تفسير الآية : (وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ) إلى قوله (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) : «أخذ على أحبار اليهود في أمر صفة النبيِّ (صلّى الله عليه وسلّم) ألاّ يكتموه ،