مع محمّد !!
وفي آخر تراهم يعتبرون حجّية القرآن بخبر الآحاد ، بدعوى أنّ ذلك الشخص ـ زيد بن ثابت أو ذلك الأعرابي ـ كان أحدثهم عهداً بالعرضة الأخيرة ، فقد روى أبو قلابة «عن مالك بن أنس : كنت فيمن أملي عليهم فربّما اختلفوا في الآية فيذكرون الرجل قد تلقّاها من رسول الله ، ولعلّه أن يكون غائباً أو في بعض البوادي ، فيكتبون ما قبلها وما بعدها ويدعون موضعها حتّى يجيء أو يرسل إليه»(١).
وأنّ دعوى ـ أو قل تبرير ـ مقولة أحدثهم عهداً بالعرضة الأخيرة حدث في زمن محمّد بن سيرين إذ روي : «عن كثير بن أفلح : أنّه كان يكتب لهم ، فربّما اختلفوا في الشيء فأخّروه ، فسألت : لم تؤخّروه؟ قال : لا أدري ، قال محمّد : فظننت فيه ظنّاً فلا تجعلوه أنتم يقيناً ، ظننت أنّهم كانوا إذا اختلفوا في الشيء أخّروه حتّى ينظروا آخرهم عهداً بالعرضة الآخرة ، فيكتبوه على قوله»(٢).
لا أدري ماذا نفعل والكلّ يدّعي سماعه العرضة الأخيرة ، فلماذا يُقدَّم ما سمعه زيد بن ثابت ولا يؤخذ بكلام ابن مسعود وأبيّ بن كعب وعليّ بن أبي طالب!!
__________________
(١) كنز العمّال ٢ / ٢٤٧ ح ٤٧٧٦ ، عن ابن أبي داوود وابن الانباري.
(٢) المصاحف ١/٢١٣ / ٨٨ وانظر كلام الباقلاّني في الانتصار لنقل القرآن أيضاً كما في نصوص في علوم القرآن ٣/ ١٨٧.