ألا تكون في الأقوال السابقة مساس بحجّية القرآن وتوهين للرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) ؟!
وبرأيي أنّ لجوء أبي بكر إلى زيد وتركه أعيان الصحابة أمثال : أُبيّ ابن كعب ، وابن مسعود ، وعليّ بن أبي طالب ، واتّخاذه شاهدين لتصحيح كلام الصحابة ثمّ ادّعاء زيد بعثوره على هذه الآية أو تلك ، عند هذا أو ذاك(١) ، كلّ هذه الدعاوى جاءت لأجل أن يسلبوا أميرالمؤمنين عليّ عليهالسلام فضيلة جمع القرآن ، أو أن يوهموا على الآخرين بأنّ ابن مسعود لم يختلف مع عثمان بن عفّان ، أو أنّه رضي وتابع عثمان أخيراً ، وأن اعتراضه على عثمان إنّما جاء لتقديمه مَن هو بمنزلة ولده عليه.
فقال الذهبي : «وإنّما شقّ على ابن مسعود ، لكون عثمان ما قدّمه على كتابة المصحف ، وقدّم في ذلك من يصلح أن يكون ولده ، وإنّما عدل عنه عثمان لغيبته عنه بالكوفة ، ولأنّ زيداً كان يكتب الوحي لرسول الله(صلى الله عليه وآله) فهو إمام في الرسم ، وابن مسعود إمام في الأداء ، ثمّ إنّ زيداً هو الذي ندبه الصدّيق لكتابة المصحف وجمع القرآن ، فهلاّ عتب على أبي بكر؟»(٢).
أقول للذهبي : الكلام يرد على أبي بكر أيضاً ، فلماذا لا يقدِّم أبوبكر
__________________
(١) فتارة يقول : فتتبّعت القرآن أجمعه... فوجدته آخر سورة التوبة ـ البراءة ـ مع خزيمة بن ثابت ، وأخرى : فقدت آية [٢٣ من سورة الأحزاب] كنت أسمعها... فوجدتها عند رجل من الأنصار فألحقتها في سورتها فكانت الصحف عند أبي بكر حتّى مات.
(٢) سير أعلام النبلاء ١/٤٨٨.