ابن مسعود مع وجوده ، بل لماذا يقدِّم عمر بن الخطّاب زيد بن ثابت ويؤخِّر ابن مسعود ، ألم يكن ابن مسعود أضبط في الأداء ورسول الله يقول : لو أردتم أن تقرءوا القرآن غضّاً طريّاً فاقرءوه بقراءة ابن مسعود.
إنّ وراء هذا الانتصاب هدف وفي غالب هذه الأقوال تنقيصاً للقرآن وإهانة لكبار الصحابة ، وهذا ما يفهمه الصغير والكبير ، والجاهل والعالم ، لكنّهم يريدون أن يبرّروا للخلفاء بأيّ نحو كان فلا يذكرون السبب والعلّة واضحاً عياناً ، بل يسعون إلى تفسيره وتأويله تعنّتاً وجهلا وهذا ما قاله السيّد ابن طاووس في تأييد كلام البلخي.
قال البلخي(١) : «... وإنّي لأعجب من أن يقبل المؤمنون قول من زعم أنّ رسول الله ترك القرآن الذي هو حجّته على أُمّته ، والذي تقوم به دعوته والفرائض الّتي جاء بها من عند ربّه ، وبه يصحّ دينه الذي بعثه الله داعياً إليه ، مفرّقاً في قطع الحروف ولم يجمعه ، ولم يصنه ، ولم يحفظه ، ولم يحكم الأمر في قراءته ، وما يجوز من الاختلاف وما لا يجوز ، وفي إعرابه ، ومقداره ، وتأليف سُوَره وآيه ، هذا لا يتوهّم على رجل من عامّة المسلمين ، فكيف برسول ربّ العالمين(صلى الله عليه وآله) ؟
[قال السيّد ابن طاووس] : والله لقد صدقت يا بلخيّ من توهّم ، أو قال
__________________
(١) ترجم له الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ٩ / ٣٨٤ ت ٤٩٦٨ ، وحكى السيّد ابن طاووس بأنّ البلخي قال بهذا الكلام في الوجهة الأولى من القائمة السابعة من الكرّاس الأوّل من تفسيره (جامع علم القرآن).