عنه (صلى الله عليه وآله) إنّه عَرِف أنّه يموت في تلك المَرْضة ، وعلم باختلاف أُمّته من بعده إلى ثلاث وسبعين فرقة ، وأنّه يرجع بعده بعضهم يضرب رِقاب بعض ، ولم يعيّن لهم على من يقوم مقامه ، ولا قال لهم : اختاروا أنتم ، حتّى تركهم في ضلال إلى يوم الدّين. هذا لا يعتقد فيه إلاّ جاهل بربّ العالمين ، وجاهل بسيّد المُرسلين ، فإنّ القائم مقامه يحفظ الكتاب ، ويقوم بعده لحفظ شرائع المسلمين. ولعَمري إنّ دعواهم : أنّه أهمل تأليف القرآن الشّريف حتّى جمعه بعده سواه بعد سِنين ، قوله باطل لا يخفى على العارفين ، وهو إن صحّ أنّ غيره جمعه بعد أعْوام ، يدلّ على أنّ الذي جمعه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما التفت النّاس إليه ، وجمع خلاف ما جمعه عليه ، هذا إذا صحّ ما قال الجُبّائيّ»(١).
كانت هذه مناقشات لبعض النصوص التي استدلّو بها على جمع أبي بكر للقرآن ، وإليك الآن ما قاله الزرقاني عن دستور أبي بكر في كتابة الصحف ثمّ مناقشتنا لكلامه أيضاً :
٦ ـ قال الزرقاني في مناهل العرفان عن دستور أبي بكر في كتابة الصحف : «... وانتهج زيد في القرآن طريقة دقيقة محكمة وضعها له أبو بكر ، وعمر ، فيها ضمان لحياطة كتاب الله بما يليق به من تثبّت بالغ وحذر
__________________
(١) سعد السعود لابن طاوس : ١٩٣ ، قول البلخي في جمع القرآن.