العديدة (١) ، حيث إنّ المراد من هذه الآيات هو الإشارة إلى بعض أحبار وأكابر اليهود في المدينة ممّن أخفوا أوصاف النبيِّ (صلى الله عليه وآله) الواردة في كتبهم السماوية وذلك لما رأوه من خطر يهدّد مكانتهم الاجتماعية بسبب قدومه (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة ، فكانوا يحرّفون من التوراة الآيات التي تدلّ على أحقّية الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ، وقد صرّح القرآن الكريم أنّ اليهود بتحريفهم كتاب الله إنّما يشترون به ثمناً قليلاً.
فمنذ المراحل الأولى للتفسير قد عكف بعض المفسّرين على تبيين المعنى المراد من قوله تعالى : (ثَمَناً قَلِيلاً) ، فإنّ هناك أوجه اشتراك في أغلب هذه التفاسير تقريباً في تفسير هذه الآية : ألا وهو أنّ اليهود قد أنكروا رسالة النبيِّ (صلى الله عليه وآله) وذلك للحفاظ على مكانتهم الدينية والاجتماعية وللحفاظ على ثرواتهم المادّية وبعبارة أُخرى أنّهم اشتروا بعملهم هذا بآيات الله ثمناً قليلاً.
ففي تفسير قوله تعالى : (وَلاَ تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً) (٢) قد نقلت التفاسير الروائية الشيعية المتاخّرة التي أُلّفت في الحقبة الصفوية وبعض التفاسير المعاصرة عن الإمام الباقر عليهالسلام رواية تذكر السبب في ذلك حيث تشير إلى أنّ أحبار اليهود مثل حُيي بن أخطب وكعب بن الأشرف وأمثالهما كان لهم سنويّاً مأكلة من اليهود فسعوا في كتمان الآيات التي تذكر اسم وصفات النبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله) في التوراة بل غيّروها وبدّلوها لئلاّ تنقطع مأكلتهم بإيعاز من
__________________
(١) البقرة : ٤١ ، ٧٩ ، ١٧٤ ، آل عمران : ٧٧ ، ١٨٧ ، ١٩٩ ، المائدة : ٤٤ ، التوبة : ٩ ، ٣٤.
(٢) البقرة : ٤١.