المذكورة بغير طريق التّواتُر ، لاحتمال أن يكون زيد قد أراد بقوله : لم أجدها مع غير فلان ، لم أجدها مكتوبة عند غيره ، وهو لا يقتضي أنّه يجدها محفوظة عند غيره.
وقال بعضهم : إنّ الدّليل المذكور إنّما يقتضي كون القرآن قد نقل على وجه يفيد العلم ، وإفادة العلم قد تكون بغير طريق التّواتُر ، فإنّ في أخبار الآحاد ما يفيد العلم ، وهي الأخبار الّتي احتفّت بها قرائن توجب ذلك.
وعلى هذا فنحن لا نستبعد أن يكون في القرآن ما نقل على هذا الوجه ، وذلك كالآيات الثّلاث المذكورة ، إذ المطلوب حصول العلم على أيّ وجه كان ، وقد حصل بهذا الوجه.
وهذا القول في غاية القوّة والمتانة ، ولا يرد عليه شيءٌ ممّا يرد على من أفرط في هذا الأمر وفرّط عليه.
وختم كلامه بالقول : نجتزئ بما أوردنا ، وهو كاف هنا لبيان كيف تفعل الرّواية حتّى في الكتاب الأوّل للمسلمين وهو القرآن الكريم ؟!
ولا ندري كيف تذهب هذه الرّوايات الّتي تفصح بأنّ القرآن فيه نقص ، وتحمل مثل هذه المطاعن مع قول الله سبحانه : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (١) وأيّهما نصدّق ؟! اللّهم إنّ هذا أمر عجيب ، يجب أن يتدبّره أُولُوا الألباب»(٢) ، كان هذا كلام أبي ريّة نتركه دون توضيح.
__________________
(١) الحجر : ٩.
(٢) اضواء على السنّة المحمّدية : ٢٥٨.