فلو كان الجمع الأوّل قد جُمع بالأحرف السبعة فهذا يعني اختلاف مصحف الخليفة مع مصحف بعض الناس لا عدم اختلافه معهم جميعاً ؛ لأنّ تجويز القراءة بالأحرف السبعة يعني وجودها وتعدّدها ، وأنّ وجودها يعني اختلافها ، ووجود الخلاف يخالف عدم وجود الخلاف(١) وهذا يفهمه من له أدنى علم.
ولا أدري كيف يترك عثمان الأحرف الستّة الباقية لو صحّ الحديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) في الأحرف السبعة.
بل كيف به أن يلزم الآخرين (على اتّباع مُصْحَفه وعلى قراءته بحرف واحد فقط...) ألا يكون هذا تضادّاً ومخالفة لكلام رسول الله(صلى الله عليه وآله).
بل الأهمّ من كلّ ذلك نحن نفهم من نصّ الكردي بأنّ الشيخين هما وراء فكرة الأحرف السبعة لا رسول الله ، وأنّهما طرحا هذه الفكرة كمخرج لمشكلتهم مع قراءات الصحابة المختلفة ، فنقل الكردي عن إرشاد القُرّاء والكاتبين :
«إنّ زيداً كتب القرآن كلّه بجميع أجزائه ، وأوجهه المعبّر عنها بالأحرف السّبعة الواردة في حديث : (إنّ هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فليقرأوا ما تيسّر...).
فأبو بكر هو أوّل من جمع القرآن الكريم بالأحرف السّبعة الّتي نزل بها
__________________
(١) انظر في ذلك ما قاله عزّة دروزة في كتابه (القرآن المجيد) كما في نصوص في علوم القرآن ٢٣ : ٤٢٩.