هذا إلى عتوّهم وإرهاقهم الرعايا بالضرائب الفادحة ؛ كان الأمن في عهدهم مفقوداً ، والطواعين تجتاح الناس من وقت لآخر ، والمجاعات قضت على الكثير من الناس .. وكانت الحالة العامّة في الحلّة سيّئة مضطربة ، لأنّ الحكومة المحلّية في الحلّة لم تكن قوية لتحفظ الأمن فيها وفي أطرافها»(١) ، فتحوّلت الحلّة في ذلك العهد إلى ساحة صراع بين القبائل المتنازعة ، أدّت إلى زحزحة الأمن وإزهاق النفوس.
وخلال هذه الفترة العصيبة ظهرت دولة المشعشعين على يد السيّد بن فلاح وهو من تلامذة الشيخ أحمد بن فهد الحلّي.
والكلام حول دولة المشعشعين ، ومؤسّس هذه الدولة ، الذي اختلف في نسبه ومسقط رأسه ، وعقائده التي أظهرها .. كلام طويل لا يسعه هذا المختصر ، وخلاصة ما يمكن أن نستفيده من المصادر التاريخية التي تحدّثت عن هذه الدولة وعن مؤسّسها محمّد بن فلاح هو : «أنّ المشعشعين كانوا طائفة من الشيعة الغلاة يعتقدون بالحلول : ومعنى ذلك أنَّ الأئمّة الاثني عشر تحلُّ أرواحهم في بعض الناس أو أنّ الله حلَّ في أرواح الأئمّة .. لذا كان المشعشعون لا يحفلون بمراقد الأئمّة ؛ لأنّهم كانوا يعتقدون أنّ أرواحهم من روح الله وأنّ مكانها في الملأ الأعلى ..»(٢).
وفي عهد هذه الدولة شهد العراق عامّة والحلّة خاصّة الويلات
__________________
(١) نفس المصدر ١ / ١٢٣ ـ ١٣٤.
(٢) تاريخ الحلّة ١ / ١٣٠ عن تاريخ الغياثي ، وتحفة الأزهار ، والعرب والعراق : ١٤٣.