أهل الحلّة فكانوا من أجل ذلك في وجل مستمرٍّ يترقّبون الأخطار تأتيهم في كلّ لحظة .. لذا أخذت الروح العلمية والأدبية تتدهور حتّى تلاشت بالنهاية ، وذهب ما كان لها من نفوذ فكري على العالم الإسلامي ..»(١).
فالاضطراب السياسي وما تمخّض عنه من فقدان الأمن أدّى إلى أفول مدرسة الحلّة العلمية وهجرة العلماء منها ، في الوقت الذي كان للإستقرار السياسي والأمني الذي توفّر مع ظهور دولة بني مزيد عاملاً مهمّاً في ظهور هذه المدرسة.
ويعلّق أحد الباحثين على هذه الظاهرة بقوله : «ليس من الغريب أن يكون الدافع السياسي عاملاً لتنشيط الحركة العلمية ؛ فللسياسة أثر في هذه الأدوار ، والقول الذي يرى أنّ عودة الحركة العلمية إلى النجف الأشرف (من الحلّة) نتيجة عامل السياسة ، سنده الصراع العنيف في حينه على مراكز القوّة والدائر بين العثمانيّين والصفويّين ، والذي تأثّر به العراق فترة من الزمن ، فقد اندفع الصفويّون لإحياء الحركة العلمية النجفية ، وجعلها قوّة دفاعية عن الشيعة ومركزاً مهمّاً يقابل بغداد»(٢).
* هجرة العلماء من الحلّة إلى النجف وكربلاء :
لقد أدّى عامل الاضطراب السياسي وانعدام الأمن .. إلى هجرة العلماء
__________________
(١) تاريخ الحلّة ١ / ١٣٢ ـ ١٣٦ (بتلخيص).
(٢) مجلّة آفاق نجفية ، العدد ٢ لسنة ٢٠٠٦ م ، ص ٩٥ ـ ١٠٢ ، وانظر له أيضاً ، بحث : الدراسة وتاريخها في النجف ، ضمن أبحاث كتاب موسوعة العتبات المقدّسة ، قسم النجف ٧ / ٥٩.