إلى أراضي آذربيجان. فقال لي : اقطع خطابك فقد قطّعت نياط قلبي ، وقد سلّمتك إلى الله فهو سند من لا سند له ، وجازِ في المسيء بالإحسان ، فلك ملك عالم عادل قادر لا يهمل مثقال ذرّة ، وعوض الآخرة أحبّ إليك من عوض الدنيا .. ودع المبالغة في الحزن عليَّ فإنّي قد بلغت من المنى أقصاها ، ومن الدرجات أعلاها ، ومن الغرف ذراها ، وأقلل من البكاء ، فأنا مبالغ لك في الدعاء. فقلت يا سيّدي : الدليل الحادي والخمسون بعد المائة من كتاب الألفين على عصمة الأئمّة ، يعتريني فيه شكّ! فقال : لِمَ؟ قلت : لأنّه خطابيٌّ! فقال : بل برهانيٌّ ..»(١) ، ثمّ نقل جميع ما ذكره والده في توجيه برهانية الدليل.
ولا تسعفنا النصوص التاريخية عن تفاصيل هذه الرحلة ، ولا عن المدّة التي قضاها في آذربيجان ، ولا عن صلة ذلك بالأوضاع السياسية التي كانت حاكمة في إيران! كما أنّ عودته إلى الحلّة لم يكن زمنها معلوماً ؛ إذ ربّما كانت بعد موت السلطان أبي سعيد عام (٧٣٦ هـ) أو ربّما قبل هذا التاريخ»(٢).
ومهما يكن من أمر ، فقد عاد فخر المحقّقين إلى مدينة الحلّة وحوزتها العلمية ومارس فيها نشاطه العلمي ، وتفرّغ لتخريج الفقهاء وإصلاح مؤلّفات والده ، وشرح بعضها التزاماً بالوصية التي كتبها له أبوه : مستفيداً من الاستقرار النسبي في الحلّة بعد سيطرة حسن الجلايري عليها ، حتّى توفّي فخر
__________________
(١) الألفين في إمامة أمير المؤمنين : ١٢٥ ـ ١٢٦.
(٢) المؤسّسة الدينية : ١٤٧.