والرجال ، والتفسير ، والحديث ، وعلم الكلام وغيرها من العلوم التي «رفعته .. عن مستوى النقد ، وجعلت آراءه ونظريّاته شيئاً مقدّساً لا يمكن أن ينال باعتراض أو يخضع لتمحيص»(١).
وأصبح منحى «التقليد» هو المنحى السائد في الحوزة العلمية التي أعقبت وفاة الشيخ الطوسي (٤٦٠ هـ) إلى فترة استمرّت لأكثر من قرن من الزمن ، ومن برز من علماء هذه الفترة لم يستطع تجاوز آراء الشيخ الطوسي ومبتكراته الفقهية والأُصولية.
وعلى ضوء هذا الواقع السكوني للحوزة العلمية بعد رحيل الطوسي ، بقيت المناهج والمتون الدراسية التي ألّفها الشيخ هي السائدة في الحوزة ولم يؤلّف بديلاً عنها طيلة أكثر من قرن من الزمن ، وما كُتب من مؤلّفات فقهية أو أُصولية لم تستطع أن تحلّ محلّ كتب الشيخ في مجال التدريس.
فنجد كتاب النهاية في علم الفقه للشيخ الطوسي هو الكتاب والمتن التدريسي لهذا العلم طيلة هذه الفترة ، بل إنّ بعضهم قد أسبغ على هذا الكتاب هالة قدسية عجيبة فادّعى أنّه رأى الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام في المنام يخبره بصحّة كافّة فتاوى الشيخ في كتاب النهاية(٢).
كذلك الأمر في كتاب العدّة في علم الأُصول للشيخ أيضاً ، إذ لم يحلّ محلّه كتاب آخر في هذا العلم إلى زمن ظهور كتاب المعارج المحقّق الحلّي
__________________
(١) المعالم الجديدة : ٨٦ ـ ٨٧.
(٢) أدوار الاجتهاد : ٢٥٧ ، وانظر كتابنا : تطوّر حركة الاجتهاد : ٢٨٥.