وهذا (الاستكثار) المفضي إلى الاستنكار قد يزول إذا عرفت أنّ المجلّد أو الجلد أو المجلدة ، كما كان يسمّيه أكثر القدماء كان يقدّر بـ : (عشر) أوراق في العصور المتقدّمة.
جاء في ترجمة أبي محمّد يحيى بن المبارك بن المغيرة العدويّ المعروف بـ : (اليزيديّ) (ت ٢٠٢ هـ) من تاريخ مدينة السّلام المعروف باسم تاريخ بغداد ـ الترجمة (٧٤٦٥) : «وحُكي عن أبي حمدون ... أنّه قال : شَهدتُ ابن أبي العتاهية وكَتبَ عن أبي محمّد اليزيديّ قريباً من ألف جلد عن أبي عمرو بن العلاء خاصّة ، يكون ذلك نحو عشرة آلاف ورقة ؛ لأنّ تقدير الجِلْدِ عشر ورقات».
* وفي صفحة ٣٨ : (وَسَكنَ فترةً في أَصفهان).
والوجه أن يقال : وسكن مدةً في أَصفهان ؛ لأنّ (الفترة) في لغة العرب العالية لا تطلق إلاّ على المدّة التي اعتورها (فتورٌ).
ومن هنا يُعلم أنّ كُلَّ (فترةً) مُدّة وليس كُلُّ مدّة (فترةً). وبلحاظ هذا المعنى سُمّي الوقت الكائن بين بعثة سيّدنا المسيح عيسى عليه السلام وبين سيّدنا ونبيّنا محمّد صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم (الفترة) أو (زمن الفترة) ، بل قالوا : إنّ (الفترة) هي الوقت بين بعثة كلّ رسول وبعثة من يليه. وقد تمادى (العصريّون) في استعمال (الفترة) مطلقاً ، فتسمع أحدهم يقول ـ مثلاً ـ : وكانَ فلانٌ في تلك الفترة قد بلغ أوج نشاطه العلميّ. ولا يعلم أنّ بين (الفترة) ـ الفتور ـ والنّشاط (مانعةَ جمع) ، كما يقول المناطقة.
* وفي صفحة ٣٩ : (ولأجل تحقّق أكبر قدر من التّواصل ...).