* وفي صفحة ١٠٦ من كلام السيّد الراونديّ على قول تأبّطَ شَرّاً :
..................... |
|
كَثيرُ الهوى شَتّى النَّوى والمسالِكِ |
«إنّ الأمر في لفظ (شَتّى) مُشكلٌ ، وهو أنّ (شَتّى) جَمعٌ ، وهي (فعلى) من (شَتَّ) ، أي : تفرّق».
أقول : وبمناسبة الكلامِ على (شَتّى) لا أرى بأساً بنقل حكاية طريفة مذكورة في ترجمة محمّد بن زياد المعروف بابن الأعرابيّ الكُوفيّ الإمام اللُّغَويّ المشهور (ت ٢٣١ هـ) وفي أحد الأبيات المذكورة في أثنائِها (شاهِدٌ) على مَجِئى (شَتّى) للمثنَى ـ على اصطلاح النُّحاة لا المَناطِقَة ـ ودُخُول (الألف واللاّم) عليها.
جاء في ترجمة ابن الأعرابيّ من وفيات الأعيان ، الترجمة (٦٣٣) : «.... قال أبو العبّاس ثَعلبٌ : شاهدتُ مَجلس ابن الأعرابي ، وكان يحضرهُ زُهاءُ مِئةِ إنسان ، وكان يُسأَلُ ويُقرأُ عليه فَيجيبُ مِنْ غَيرِ كِتاب ، ولَزِمتُهُ بَضْعَ عَشرةَ سَنَةً ، ما رَايتُ بيدهِ كِتاباً قَطّ .... رَأى في مَجلِسهِ يَوماً رَجُلينِ يَتَحدّثانِ ، فقالَ لأحدِهِما : مِنْ أينَ أنتَ؟
فقال : مِنْ إِسْبيجاب ، وقال للآخَرِ : مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟
فقال : مِنَ الأندَلُس ، فعجب مِنْ ذلكَ وأنْشَدَ :
رَفيِقانِ شَتّى ألَّفَ الدَّهْرُ بَينَنِا |
|
وَقَدْ يَلتَقِي الشَّتّى فَيَأتَلِفانِ |
ثُمَّ أمْلى على مَنْ حَضَرَ مَجْلِسَهُ بَقِيَّةَ الأبْياتِ وَهِيَ :
نَزَلْنا عَلى قَيْسِيَّة يَمِنيَّة |
|
لَها نَسَبٌ في الصّالِحينَ ، هِجانِ |
فقالتْ وأرخَت جانبَ السّترِ بيننا |
|
لأَيَّةِ أَرْض أَمْ مَنِ الرَّجُلانِ |