رَبِّي حَقّاً)(١).
ومن محفوظي القديم ممّا قد ينتظم في سلك هذا المعنى ولكن من وجه آخر ، قول الشاعر ـ من الطويل :
فكان مِجَنِّي دون مَن كُنْتُ أتّقي |
|
ثلاثَ شُخوص : كاعِبان ومُعْصِرُ |
وإنّما ساغ له تذكير (العدد) مع كلمة (شخوص) التي هي جمع (شخص) وهو (مذكّر) ، لأنّ المراد بها (كاعبان ومعصرٌ) وهي من صفات النّساء خاصّة(٢) ، وأمثلة هذا الباب كثيرة ليس هذا موضع ذكرها.
* وفي ص١١٤ : «(أبداً) ـ في المستقبل ـ بمنزلة (قطّ) في المُضِيّ».
أقولُ : ولكنّ كثيراً من الكتّاب والمؤلّفين في قديم الدّهر وحديثه لا يميّزون بين ما يُستعمل فيه (قَطّ) وما يُستعمل فيه (أبداً) وقد نبّه على ذلك الحريري في كتابه درّة الغوّاص قال : «ومن أوهامهم أيضاً في هذا الفنّ قولهم : لا أُكلّمه قطّ ، وهو من أفحش الخطأ ؛ لتعارض معانيه ، وتناقض الكلام فيه ، وذاك أنّ العرب تستعمل لفظة قطّ فيما مضى من الزمان ، كما تستعمل لفظة أبداً فيما يُستقبل ، فيقولون : ما كلّمته قطّ ، ولا أكلّمه أبداً والمعنى في قولهم : ما كلّمته قطّ أي فيما انقطع من عمري ؛ لأنّه من قطَطْتُ الشيء ، إذا قطعته ، ومنه قطّ القلم أي قطع طرفه ، وفيما يُؤثر من شجاعة
__________________
(١) سورة يوسف: ١٠٠.
(٢) الكاعب ، من قولهم: كعبت الجارية ، إذا بدا ثديُها للنهود فهي (كعابٌ) و (كاعبٌ) والجمع (كواعب).
والمُعصِر من قولهم: أعصرت المرأة إذا بلغت شبابها أو دخلت في الحيض أو راهقت العشرين أو ولدت ... والجمع معاصِرُ ومعاصِير.