* وفي صفحة ٢٥١ من حَماسيّة لأعرابي ـ البيت الأوّل ـ :
أَقُولُ للنّفسِ تَأساءً وتَعزِيَةً |
|
إحدى يَدَيَّ أصابتني ولم تُردِ. |
قُلتُ : ومن مُستطرفات النقول ممّا جاء فيه هذا البيت والبيت الذي يليه من (الحماسيّة) على جهةِ التّضمين ما نقله جماعةٌ منهم ابن شاكر الكُتبيّ في ترجمة سعد بن محمّد بن صيفيّ الشاعر الشهير الفقيه الشافعي (١) المعروف بـ : (حَيْص بَيْص) مِنْ كِتابِهِ الوافي بالوفيات قال : «خرج حَيَص بَيص ليلةً من دارِ الوزيرِ شرفِ الدّينِ أبي الحسن الزّينبيّ ، فَنَبَحَ عليهِ جُروُ كَلبِ ، وكان حيص بَيص مُتقلّداً سيفاً ، فوَكزَ الجروَ بعقبِ السّيفِ فمات ، فبلغَ ذلك هِبةَ اللهِ بن الفضل المعروف بابن القطآن الشّاعر فنظم أبياتاً وضمّنها بيتينِ لبعضِ الأعرابِ قَتلَ أخوهُ ابناً له فقدّم إليه ليقتاد منه فألقى السّيف من يدهِ وأنشد (بيتي الحماسة) ثُمّ إنّ ابن القطّان المذكور كتب الأبيات وعلقها في عُنقِ كلبة لها جراءٌ ، ورتّب لها من أوصلها إلى باب دار الوزير (الزّينبيّ) كأن ذلك (كانَ) احتجاجاً وشكوى من الكلبةِ وجرائها ، كالمستغيثة به وقرأ القومُ الورقةَ (المعلقة في عنقِ الكلبةِ) فإذا فيها :
يا أهل بغدادَ إنّ الحيصَ بيصَ أتى |
|
بِفعلة أكسبتهُ الخزيَ في البلدِ |
هو الجبانُ الذي أبدى شجاعته |
|
على جُرَيٍّ ضعيفِ البطشِ والجَلَدِ |
__________________
(١) كان سعد بن محمّد المعروف بـ(حيص بيص) فقيها شافعيّاً وقد غلبت عليه (الشاعريّة) فاشتهر بها. وما ذكره صاحب «الروضات» والسيّد الحسن الصّدر في «التكملة» والشيخ آقا بزرك الطهراني في «طبقات أعلام الشيعة» من نسبته إلى «الإماميّة» ليس بصحيح ، وقد استوفيتُ الكلام على نفي كونه من «الإماميّة» في كتابي «صلة التكملة» وفي كتابي الآخر «توطيد التّأسيس».