فعبث (١) بها وأصغرني ، فقال له خالد : أنا أكفيك فدخل خالد على عبد الملك والوليد عنده ، فقال : يا أمير .... الوليد ابن أمير ووليّ عهد المسلمين؟! ، مرّتْ به خيل ابن عمّه عبد الله بن يزيد ، فعبث بها ، وأصغره ، وعبد الملك مطرق ، فرفع رأسه فقال : (إنّ المُلُوْكَ إذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوْهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُوْن) (٢) فقال خالد : (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيْها فَفَسَقُوا فِيْها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيْرا) (٣).
فقال عبد الملك : أفي عبد الله تكلّمني؟ والله لقد دخل عليّ فما أقام لسانه لحناً! فقال له خالد؟ أَفَعَلى الوليد تُعوِّل؟ فقال عبد الملك : إن كان الوليد يلحن فإنّ أخاه سليمان ، فقال له خالد : وإن كان عبد الله يلحن فإنّ أخاه خالد ، فقال له الوليد : اسكت يا خالد ، فوالله ما تعدّ في العِير ولا في النفير ، فقال خالد مخاطباً عبد الملك : اسمع يا أمير .... ، ثمّ أقبل عليه [أي على الوليد] وقال : ويحك فمن العِير والنفير غيري؟ جدّي أبو سفيان صاحب العِير ، وجدّي عتبة بن ربيعة صاحب النفير ، ولكن لو قلت : غُنيمات ، وحُبَيلات والطائف ورحم الله عثمان لقلنا صدقت».
وقد شرح المبرّد كلام خالد الأخير بقوله : «أمّا قوله في العِير فهي عِير قريش التى أقبل بها أبو سفيان من الشام ، فنهد إليها رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم وندب إليها المسلمين ، وقال : لعلّ الله ينفّلُكُموها ، فكانت وقعة
__________________
(١) عبث كبرح لعب وعبث كضرب : خلط.
(٢) سورة النمل : ٣٥.
(٣) سورة الإسراء : ١٧ ، بضميمة البسملة التي هي عند أهل البيت جزء من كلّ سورة.