إنّ ما نستظهره من القرائن والشواهد المتاحة لدينا هو أنّ غنية النزوع قد حَظِي بمنزلة خاصّة في المدارس العلمية الإمامية وذلك في الحقبة الزمنية التي امتدّت إلى ما قبل شيوع الآراء والمباني العلمية لمدرسة الحلّة في القرن السابع ، كما حظي باهتمام خاصٍّ في الأوساط العلمية في إيران من قبل أتباع المدرسة الإمامية وذلك في القرن السابع وطليعة القرن الثامن ، وسوف نتناول ذلك من خلال إشارتنا إلى الخواجة نصير الدين الطوسي (ت ٦٧٢ هـ) الذي اتّخذ من كتاب الغنية كتاباً درسيّاً حيث قرأه في شبابه على أُستاذه سالم بن بدران المازني الذي يعدّ من تلامذة ابن زهرة ، وعلى ما يبدو فإنّ الخواجة نصير الدين الطوسي كان قد تأثّر بمنهج هذا الكتاب حيث تصدّى لردّ حجّية خبر الواحد حيث قال : «خبر الواحد لا يوجب علماً ولا عملاً» عند الإمامية(١) ، والشاهد الآخر الذي يمكنه أن يكشف عن المكانة الخاصّة لهذا الكتاب في الأوساط العلمية الإمامية في إيران هو ترجمة هذا الكتاب(٢) التي قام بها عماد الدين الحسن بن عليّ الآمليّ من أعلام القرن الثامن (حيّ في سنة ٧٠١ هـ) بحيث شملت ترجمته الفصول الثلاثة للكتاب وهي : (أُصول الدين ، أُصول الفقه ، فروع الفقه)(٣) ، ويجدر بنا الإشارة هنا إلى أنّ سائر آراء
__________________
(١) تلخيص المحصّل : ٤٢٢.
(٢) في شأن تأليف هذا الكتاب وترجمته والتطابقات والتمايزات بينه وبين أصل متن (غنية النزوع) انظر : معتقد الإمامية ، المقدّمه : ٨ ـ ١٢ ، في شأن انتساب هذا الكتاب إلى عماد الدين الطبري ؛ انظر : أخبار وأحاديث وحكايات المقدّمة : ١٧ ـ ١٨.
(٣) طبعت هذه الترجمة الفارسية تحت عنوان معتقد الإمامية (انظر مصادر هذه المقالة :