فلمّا قرأها على أصحابه قال له معقل : «أصلحك الله يا أمير المؤمنين إنّما كان ينبغي أن يكون مكان كلّ رجل من هؤلاء الذين بعثتهم في طلبهم عشرة من المسلمين ، فإذا لحقوهم استأصلوا شأفتهم ، وقطعوا دابرهم ، فأمّا أن يلقاهم أعدادهم ، فلعمري ليصبرنّ لهم ، فإنّهم قوم عرب ، والعدّة تصبر للعدّة ، وتنتصف منها»(١) ؛ فندبه عليهالسلام في ألفين ، وأوصاه بقوله : «يا معقل ، اتّق الله ما استطعت ، فإنّها وصيّة الله للمؤمنين ، لا تبغ على أهل القبلة ، ولا تظلم أهل الذمّة ، ولا تتكبّر فإنّ الله لا يحبّ المتكبّرين ، فقال معقل : الله المستعان»(٢) ، وكتب إلى ابن عبّاس يطلب منه بعث ألفين يقودهم رجل شجاع من أهل الصلاح كي يلقى معقلاً ، ويسمع له ويطيع(٣) ، فاختار ابن عبّاس خالد بن معدان الطائي(٤) ، وهو من فضلاء التابعين المختصّين بأمير المؤمنين(٥) ، ودارت معركة قتل فيها من قتل من أصحاب الخرّيت الذي استطاع الهرب أيضاً إلى سيف البحر ، فكتب معقل إلى أمير المؤمنين رسالة يعلمه فيها بالنصر الذي تحقّق ، وبهرب الخرِّيت ، قال : «لعبد الله أمير المؤمنين من معقل ابن قيس سلام عليك فإنّي أحمد إليك الله الذي لا إله إلاّ هو ، أمّا بعد فإنَّا لقينا المارقين وقد استظهروا علينا بالمشركين ، فقتلناهم قتل عاد وإرم ، مع أنَّا
__________________
(١) الغارات ١/٣٢٨ ، وتاريخ الطبري ٤/٩٣ ، وينظر أنساب الأشراف ٢/٤١٤ ، وأُسد الغابة ٢/١١٠.
(٢) الغارات ١/٣٥١ ، وتاريخ الطبري ٤/٩٤ ، وينظر أيضاً شرح نهج البلاغة ٣ / ١٣٦.
(٣) الغارات ١/٣٤٨.
(٤) المصدر السابق ١/٣٤٨.
(٥) أعيان الشيعة ٦/٢٩٦.