لم نَعْدُ فيهم سيرتك ، ولم نقتل من المارقين مدبراً ولا أسيراً ، ولم نذفف منهم على جريح ، وقد نصرك الله والمسلمين ، والحمد لله ربّ العالمين»(١) ، فلمّا قرأها الإمام عليهالسلام على أصحابه أشاروا عليه أن يكتب لمعقل بملاحقة الخرّيت وأتباعه وتتبّع آثارهم وقتلهم أو نفيهم عن بلاد المسلمين(٢) ، فكتب له بذلك(٣). فاستمرّ في ملاحقته.
واستطاع الخرّيت إفساد عبد قيس ومن والاهم من سائر العرب في تلك البقاع بالحيلة والمكيدة ، وكان قومه قد منعوا الصدقة عام صفِّين وذلك العام ، وأسرَّ إلى من كان معه على رأي الخوارج أنّه معهم ، وأسرَّ إلى العثمانيَّة بأنّه معهم أيضاً. ولمَّا رأى أهل تلك البلاد اختلاف المسلمين ارتدّوا إلى نصرانيَّتهم. وحين التقى معقل بالخرّيت وجمعه خطب بجيشه خطبة ظاهر تأثّرها بخطب الإمام عليهالسلام ، قال : «عباد الله لا تبدأوا القوم ، وغضّوا أبصاركم ، وأقلُّوا الكلام ، ووطِّنوا أنفسكم على الطعن والضَّرب ، وأبشروا في قتلاكم بالأجر ، إنّما تقاتلون مارقة مرقت من الدين ، وعلوجاً كسروا الخراج ، ولصوصاً وأكراداً ، فإذا حملت فشدُّوا شدّة رجل واحد»(٤) ؛ فقاتلهم معقل قتالاً شديداً بسيف البحر واستطاع النعمان بن صُهْبان الراسبي(٥) قتل
__________________
(١) تاريخ الطبري ٤/٩٥.
(٢) الغارات ١/٣٥٤.
(٣) تاريخ الطبري ٤/٩٥.
(٤) البداية والنهاية ٧/٣٥١.
(٥) من أصحاب أمير المؤمنين ومن نسّاك شيعته ، قال بعد يوم الجمل عليهالسلام من دخل دار النعمان بن صهبان فهو آمن ، رجال الطوسي ٥٧/٥.