المؤمنين عليهالسلام يعلمه فيها بتوجّه معقل لمطاردة يزيد ، فأطلع قثم أبا سعيد الخدري على رسالة الإمام ، فقال له أبو سعيد : «إنّك إن أجهدت نفسك في مناصحة إمامك فرأى ذلك لك ، وعرف ذلك الناس ، فخرجت من اللائمة ، وقضيت الذي عليك من الحقّ ، فإنّ القوم قد قدموا ، وأنت في الحرم ، والحرم حرم الله الذي جعله آمناً ..»(١).
وكان التخاذل بدأ يدبُّ بين الكوفيّين بعد التحكيم ، وحين علم أمير المؤمنين عليهالسلام بفعلة معاوية دعا معقل بن قيس ، وأعلمه بالخبر ، فقال : «أنا لهم فوجِّهني إليه» ، فاستنفر عليهالسلام الناس ، وخطب فقال : «الحمد لله الذي لا يعزّ من غالبه ، ولا يفلح من كايده ، إنّه بلغني أنّ خيلا وجّهت نحو مكّة ، فيها رجلٌ قد سُمِّي لي ، فانتدبوا إليها رحمكم الله مع معقل بن قيس ، واحتسبوا في جهادكم والانتداب معه أعظم الأجر وصالح الذخر» ؛ فسكتوا ، ولم يجيبوه بشيء ؛ فقام معقل فقال : «أيّها الناس ، انتدبوا ، فإنّما هي أيّام قلائل ، حتّى ترجعوا إن شاء الله ، فإنّي أرجو أن لو سمعوا بنفيركم تفرَّقوا تفرّق معزى الفزر(٢) ، فوالله إنّ الجهاد في سبيل الله خير من المقام تحت سقوف البيوت ، والتضجيع خلف أعجاز النساء ... وانتدب الناس»(٣) ؛ وواصل معقل السير ، فوصل مكّة بعد خروج زيد الرهاوي منها ، فتبعهم ، وظفر بنفر منهم أخذهم
__________________
(١) الغارات ٢/٥٠٤.
(٢) كذا في أنساب الأشراف ١/١٩ ، وفي ٢/٤٦٣ الغزّ. والصواب ما أثبتناه ، أراد قولهم في المثل (لا آتيك معزى الفِزْر). لتفرّقها واستحالة جمعها.
(٣) أنساب الأشراف ٢/٣٦٣.