«على عظم الإستطاعة والقدرة»(١).
كما أن الرَّحَّالة المشهور (ابن بطّوطة) زار الحلّة سنة (٧٢٧ هـ) ، فأعاد ما ذكره ابن جبير عنها ، ممّا يدلّ على بقاء الحلّة عمارتها وأهمّيتها خلال الفترة بين زيارتي الرحّالتين(٢).
ولا نريد أن نتوسّع كثيراً في نشأة المدينة وأعمالها وقراها التابعة لها ، فالحلّة غنية عن التعريف في حضارتها وتركيبتها الاجتماعية فهي وريثة (أرض بابل) «التي نشأ فيها حضارات قديمة بابلية وكلدانية وسومرية ، وعلى مرور السنين تكوَّن شعب ينتمي إلى أُصول بابلية وكلدانية وسومرية أطلق عليهم العرب اسمَ (النبط) .. وكان هذا الشعب النبطي وريث الحضارات القديمة التي نشأت في هذه البقعة وكانت فيها بقية صالحة ـ عند الفتح الإسلامي ـ تحتفظ بمعارف الأقدمين وتتدارسها ، وبواسطتهم رسخت الحضارة في أرض بابل»(٣).
كذلك امتزج في هذه المدينة عناصر اجتماعية متعدّدة شكّلت نسيجاً اجتماعيّاً مثاليّاً في تعايشه وتعاونه ، يقول مؤرّخ الحلّة يوسف كركوش : «إنَّ المجتمع الحلّي كان يتكوّن من عناصر مختلفة : عرب وأكراد ونبط سكّان البلاد الأصليّين ، أمّا العرب فكان أكثرهم من بني أسد ، ولهم السيادة .. وأمّا
__________________
(١) رحلة ابن جبير : ١٥٤.
(٢) رحلة ابن بطّوطة : ٢٣٢ ، وانظر : متابعات فكرية : ٤ ـ ٥.
(٣) تاريخ الحلّة ١ / ٢ ـ ٣.