ومنها مكتبة شاپور ببغداد ، والتجاء الشيخ الطوسي منها إلى النجف في (٤٤٨ هـ) ، تعاون المزيديّون والأكراد الجاوانيّون ، مع البساسيري ببغداد ، فألغوا الخلافة العبّاسية في (٤٥٠ هـ) ، وخطبوا للمستنصر الفاطمي ، ثمّ بعد قتل البساسيري ورجوع الأتراك السجلوقيّين والخلافة العبّاسية إلى بغداد ، قام سيف الدولة صدقة بن دبيس المزيدي مع الجوانيّين ببناء الحلّة ، فصارت مركز الشيعة وذلك في المحرّم (٤٩٥ هـ) ، وبقيت كذلك حتّى سقوط بغداد في (٦٥٦ هـ)»(١).
وكان لأُمراء الدولة المزيدية دور كبير في انطلاق النهضة الفكرية والعلمية في مدينة الحلّة وعلى مدى قرون من الزمن ، وكان على رأس أُولئك الأُمراء مؤسّس دولتهم الأمير صدقة بن مزيد الأسدي ، الذي يصفه المؤرّخون بأنّه : «رئيس كامل ، سيرته من أجمل السير وأحسنها»(٢).
«لقد كان من أهمّ أسباب النهضة الفكرية في الحلّة ، اهتمام الأُمراء المزيديّين بهذه الناحية ، وتشجيعهم المستمرّ لرجال العلم والأدب ، وإجزالهم العطايا والهبات لهم ، فقصدهم الكثير من الشعراء ، كما حظي عندهم العلماء والفضلاء ، حتّى أنّ سيف الدولة صدقة بن مزيد كانت له مكتبة ضخمة تضمّ
__________________
(١) منزوي ـ عليّ نقي ، في تعليقته على كتاب والده آقا بزرك الطهراني ، الأنوار الساطعة في المائة السابعة المعروف بـ : (طبقات أعلام الشيعة) ٣ / ٨ ، وانظر الكامل في التاريخ ٦ / ١٨٧ و٤٢٨ وما بعدها.
(٢) أعيان الشيعة ٧ / ٣٨٦.