العقاب لابدّ أن يتحقّق ، ولذلك عُرف المعتزلة باسم : (الوعيدية) ، وصار (الوعيد) أحد أصولهم الخمسة المشهورة(١).
وقد ظهر هذا البحث عند الإماميّة ، فأدلوا بدلوهم ، وبيّنوا رأيهم حوله ، ومن هؤلاء المتكلّمين الإماميةِ الشريفُ المرتضى الذي كان له دورٌ في تأسيس نظرة خاصّة إلى حقيقة الكفر والإيمان ، وما يتعلّق بذلك من بحوث ، مستعيناً بنظريّات شيخه المفيد ، فقد كانت نظريّاته حول الإيمان والكفر قريبة جدّاً من الشيخ المفيد.
وحاولنا في هذه الدراسة استعراض نظريّة الشريف المرتضى حول حقيقة الإيمان والكفر ، وتأثيرات نظريّته على البحوث الكلامية الأخرى.
وقد تطرّقنا إلى نظريّات وآراء للمرتضى قد تبدو مبهمة أو غريبة في عصرنا ـ مثل نظريّة (الموافاة) ـ لكنّها كانت حاضرة وبقوّة في فكر المرتضى ومدرسته الكلامية ، حيث اهتمّ بها في مختلف كتبه ورسائله ، لكنّنا حاولنا أن نكشف عنها ونبيّنها للباحثين ، عسى أن نكون قد وُفّقنا في الكشف عن بعض الزوايا المغفول عنها في فكره.
حقيقة الإيمان والكفر :
تنوّعت النظريّات المطروحة حول حقيقة الإيمان والكفر ، فقد جعلهما الخوارج مرتبطين بالعمل ، فصار الإيمان والكفر اسمَين للطاعات والمعاصي ،
__________________
(١) مقالات الإسلاميّين ، ص٢٧٨.