ذلك اعتقاداً؟»(١).
وقبل أن يجيب الحسن عن السؤال ، ويكشف عن رأيه الذي يبدو أنّ واصلا كان يعلم به ويختلف معه ، قام واصل من المجلس ، وقال : «أنا لا أقول إنّ صاحب الكبيرة مؤمن مطلقاً ، ولا كافر مطلقاً ، بل هو في منزلة بين المنزلتين ، لا مؤمن ولا كافر»(٢) ، ثمّ انتحى جانباً من المسجد ، وجلس إلى اسطوانة أخرى ، واعتزل من ذلك اليوم درس الحسن ؛ وبذلك ظهر على العالَم بفرقة جديدة سمّيت : (المعتزلة) ، وصارت عقيدة (المنزلة بين المنزلتين) أحد أصولها ، ومن العلامات الفارقة التي يتميّز بها المعتزلي من غيره ، حيث قسّم الناس إلى ثلاثة أقسام : مؤمن ، وكافر ، ولا مؤمن ولا كافر ، وهو المسمّى : بـ : الفاسق.
وبذلك أخذ بحث حقيقة الإيمان والكفر يأخذ مكانه شيئاً فشيئاً بين البحوث والكتب الكلامية ، حتّى خُصّص له باب مستقلّ ، وقد طرح هذا البحث في الكتب الكلامية المتقدّمة تحت عنوان : (الأسماء والأحكام) ، حيث يُبحث هناك عن حقيقة اسم المؤمن والكافر والفاسق ، وعن حكم هذه الأسماء ، من حيث التخليد في النار وعدمه ، وغير ذلك.
فقد أصرّ المعتزلة على أنّ مرتكب الكبيرة ـ رغم عدم كفره ـ مخلّد في النار ، ولا يخرج منها أبداً ، أي إنّ ما توعّد به الله تعالى مرتكبي الكبائر من
__________________
(١) الملل والنحل ، ج١ ، ص٤٨.
(٢) المصدر السابق.