بروز نزاعات كلامية كبيرة ، وطرح تساؤلات كثيرة حول مرتكب الكبيرة ، وهل أنّ مرتكب الكبيرة من أهل القبلة كافر ، ويستحقّ القتل؟ وما هي حقيقة الكفر؟ وما هي حقيقة الإيمان الذي يقع في مقابله؟ وما هو مصير مرتكب الكبيرة يوم القيامة ، هل يخلد في النار ، أم يخرج منها بعد دخوله لمدّة فيها؟ كلّ هذه وغيرها تساؤلات مهمّة فرضت نفسها على طاولة البحث الكلامي ، وتطلّبت تقديم إجابات واضحة عليها.
وفي الفترة الواقعة ما بين نهايات القرن الأوّل وبدايات القرن الثاني ، وقعت حادثة في البصرة كان لها ارتباط بالنزاع المتقدّم ، وأدّت إلى ظهور فرقة كلامية كبيرة استمرّ وجودها قروناً ، وكان لها أثرٌ بارزٌ على مجمل تاريخ علم الكلام الإسلامي.
فقد دخل يوماً رجلٌ على حلقة الحسن البصري في الجامع بالبصرة ، حيث كان قد تجمّع حوله مجموعة من تلامذته ، ومنهم تلميذه واصل بن عطاء الذي أصبح له بعد هذه الحادثة شأن كبير ، وسأل ذلك الرجل الحسنَ البصري عن النزاع الدائر حول حقيقة مرتكب الكبيرة ، وهل هو مؤمن أو كافر ، فقال ما مضمونه : «يا إمام الدين!! لقد ظهرت في زماننا جماعةٌ يكفّرون أصحاب الكبائر ، والكبيرة عندهم كفرٌ يخرج به عن الملّة ، وهم وعيدية الخوارج. وجماعة يُرجئون أصحاب الكبائر ، والكبيرة عندهم لا تضرّ مع الإيمان ، بل العمل على مذهبهم ليس ركناً من الإيمان ، ولا يضرّ مع الإيمان معصية ، كما لا ينفع مع الكفر طاعة ، وهم مرجئة الأُمّة ، فكيف تحكم لنا في