بصورة دائميّة وأبديّة(١) ، فكيف يمكن الجمع بين هذه الإجماعات الثلاثة المتعارضة ظاهراً؟
لأجل حلّ هذه الإشكالية صرّح المرتضى بأنّ من صار مؤمناً ؛ فإنّه لا يكفر أبداً ؛ وذلك لكي لا يجتمع عليه الثواب والعقاب الدائميان ، فهو يستحقّ لإيمانه الثواب الدائم فقط(٢).
وأمّا من كان مؤمناً بحسب الظاهر ، ثمّ كفر في نهاية حياته ومات على الكفر ؛ فهو في الحقيقة لم يجتمع فيه الإيمان والكفر ، وإنّما نعلم مِن ختم حياته بالكفر أنّه ما كان مؤمناً حقّاً منذ البداية ، بل كان منافقاً يُظهر الإيمان ويُبطن الكفر ، أي أنّه ما كان مؤمناً ثمّ كفر ، بل كان كافراً منذ البداية ؛ لأنّه تقدّم أنّه لو كان مؤمناً ثمّ كفر لاستحقّ الثواب والعقاب الدائميّين الأبديّين ، وهو خلاف الإجماع ، وهذا يعني أنّه ما كان مؤمناً حقّاً ، وإنّما كان يتظاهر بالإيمان ، وهو ما يسمّى بـ : النفاق ، فهو يستحقّ لكفره العقاب الدائم الأبدي فقط.
ولإكمال فكرة (الموافاة على الإيمان) التي أردنا توضيحها ، نقول : بما أنّ الإيمان حالة باطنية (تصديق قلبي) كما تقدّم ، فلا يمكن التعرّف على المؤمن من ظاهره ؛ لأنّه قد يكون منافقاً كما تقدّم ، فما هو السبيل لمعرفة
__________________
(١) المصدر السابق ؛ وانظر : رسائل الشريف المرتضى (جوابات المسائل الطبريّة) ، ج١ ، ص١٤٨ ؛ (جوابات المسائل الرازيّة) ، ج١ ، ص١٣١.
(٢) الذخيرة ، ص٣٠٢.