يعرف ربّه ، وإذا لم يعرفه لم تصحّ منه طاعة ؛ إذ الفعل إنّما يكون طاعة بقصد الفاعل به إلى المُطاع ، وإذا كان جاهلاً بالمُطاع لم يصحّ منه توجيه الفعل إليه»(١).
ويبدو أنّ كلّ هذا الكلام لا يشمل المستضعفين ، والذين لا بصيرة لهم في الدين ، فإنّ هؤلاء لا يحكم عليهم بالكفر(٢).
ثالثا : حكم الفاسق :
ذهب المعتزلة إلى أنّ الفاسق المرتكب للكبيرة خالد في نار جهنّم(٣) ، واختلف الشريف المرتضى معهم حول هذا الموضوع ، فذهب إلى انقطاع عذابه ، ومصيره إلى الجنّة كما سيأتي بعد قليل.
لقد صار هذا البحث مثاراً لجدل طويل وعريض بين المتكلّمين ، وقد أثاره المعتزلة في البداية ، ثمّ دخل في أروقة البحث الكلامي ، وركّز المعتزلة بحوثهم على دوام عقاب مرتكب الكبيرة ، فذهبوا إلى أنّ مرتكب الكبيرة خالد في جهنّم لا محالة ، وذلك فيما لو مات من دون توبة ، وأمّا البحث عن دوام الثواب فيبدو أنّهم بحثوا عنه استطراداً.
__________________
(١) الفصول المختارة ، ص٦٦.
(٢) رسائل الشريف المرتضى (مسألة في امتناع علي عليهالسلام عن محاربة الغاصبين لحقّه بعد الرسول (صلى الله عليه وآله)) ، ج٣ ، ص٣٢٠.
(٣) شرح الأصول الخمسة ، ص٤٤٩ ـ ٤٥٠.